توقيت القاهرة المحلي 00:55:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتظام من فرح في "تردّد نيسان"!

  مصر اليوم -

انتظام من فرح في تردّد نيسان

حسن البطل

سأطرح سؤالاً يبدو عاثراً! هل يجيد جون كيري رقصة ما؟ في خطابه أمام مجلس الشيوخ تحدث وزير الخارجية عن أزمة المفاوضات بلغتين: لغة لسان رتيبة خفيضة (بوف) وأخرى لغة جسد فتح فيها ذراعيه على وسعهما (بوووم .. !). في لقاءات الساسة الكبار يتحدثون، أيضاً، عن "لغة الجسد": متحفظة أو حميمة، هذا إن لم تسعفهم لغة اللسان البروتوكولية. الإسرائيليون فهموا من "بوف" أن الوزير يلقي بالمسؤولية غير المتساوية على الفريقين.. وفهموا من "بوووم.." أنه يلقي بمعظم المسؤولية على إسرائيل. فإلى الساعة 7:30 مساء اليوم، في قصر الثقافة ـ رام الله، حيث افتتاح "مهرجان الرقص المعاصر" في نسخته التاسعة. و29 فرقة 34 عرض راقص، يؤديه فنانون من 13 دولة في رام الله والبيرة وجنين والناصرة والقدس. ما هو "الرقص المعاصر" لا الحديث، ولا الفلكلوري، ولا الإيقاعي. الساسة الكبار يتحدثون، غالباً، فيما بينهم بالإنكليزية (وأحياناً الإنكليزية الرديئة ـ باد انغليش)... وأما الرقص المعاصر فهو: كيف تتحدث أجساد الراقصين بـ "أبجدية الجسد" لا "لغة الجسد" لدى الناس الكبار والصغار. من ينسى "الطريق العمودي" صعداً إلى الله، واقتباساً من شخصية وفكر جلال الدين الرومي. مزيج من المزج الباهر بين اقتباسات إسلامية، يهودية.. أو بوذية، كان هذا في دورة المهرجان السادسة. لغة استشراق واستشراف تميز لغة اللسان والعقل الصوفية. قد لا نحظى، في الدورة التاسعة، بعرض في مستوى "الطريق العمودي" ولعلّنا نحظى فيها بعرض في مستوى "يا سمر" في إحدى دوراته الأولى. الافتتاح بفرقة التونسية نوال اسكندراني، بأداء وموسيقى سبع من دول مختلفة، بينها فلسطين. "لغة الجسد"؟ "أبجدية الجسد" كأنها لغة الرقص المعاصر، الأكثر نجاحاً وانتشاراً من اختراع "أبجدية اللسان" في لغة "اسبرانتو". العرض امتحان صعب وشفاف لأنه يحمل عنوان "إلى حد ماء". مشكلة الماء العذب في العالم، وبخاصة في العالم العربي، وتحديداً في فلسطين تعرفون أن الماء "معجزة الطبيعة" ليس مصداقاً للقول: "خلقنا من الماء كل شيء حي" ولكن، أيضاً، لأنه العنصر النادر الذي يوجد، على الأرض، في حالاته الثلاث: سائلة، صلبة.. وغازية. ساعة ونصف من العرض، وخلاف معظم عروض "الرقص المعاصر" الخرساء والبكماء فإن الراقصين يتكلمون قليلاً أثناء الأداء. يتحدثون عن "تردّد نيسان" و"نيسان أقسى الشهور".. والآن أزمة نيسان في المفاوضات (ستنفرج بعد عيد الفصح اليهودي) " لكن سرية رام الله الأولى، بهمة مدير مهرجان رام الله ـ الرقص المعاصر، جعلت من "تردّد نيسان" انتظاماً في الفرح.. أي تمأسس المهرجان، والأهم الفلسطينيون لم يبقوا متلقين ومتفرجين، بل سيشاركون في 14 عرضاً، بالمشاركة مع فرق أجنبية وعربية، أو بعروض من إنتاج محلي، أو حتى بتجارب فردية. إذا كانت السينما "أم الفنون" جميعها، فإن الرقص المعاصر هو "ابو" فنون الرقص جميعها، وحتى أنه يستخدم، أحياناً، الفيديو. كانت السينما في بدايتها صامتة وبليغة بلغة اللسان، لكن الرقص و"أبجدية الجسد" تبقى صامتة خلاف المسرح، مثلاً، والرقص المعاصر فيه شيء من المسرح، والرقص الفولكلوري، والإيقاعي، و"هيب ـ هوب" والباليه والأكروبات.. إلخ. إنه أصعب أنواع الرقص طراً. بشيء من المداعبة الجدية، فإن "عمودي" اليومي "يرقص" بين الأفكار والمواضيع العامة والذاتية، و"رقصاته" أعطتني ثلاث جوائز: جائزة فلسطين للمقالة، ودرع تكريمية من أحد مهرجانات الرقص المعاصر، وشهادة تقدير من بلدية رام الله. "بعبع" التطبيع ماذا لو شاء "برشلونة" أو "ريال مدريد" أن يقدم عرضاً كروياً في فلسطين وإسرائيل؟ هل هذا "تطبيع" رياضي؟ أنا ضد "تأتأة" وزارة الثقافة الفلسطينية بين الاعتذار ثم السماح لفرقة "كاثكا" الهندية للرقص الكلاسيكي، في تقديم عرض بعد عرض آخر في تل أبيب للجالية الهندية هناك. أيضاً، ضد "التشويش" الذي افتعله أعضاء "الحملة الثقافية والأكاديمية لمقاطعة إسرائيل"، وضد اعتقال الشرطة لشبيبة مشاغبة.. ومع حكم القضاء في إخلاء سبيلهم بكفالة شخصية، حتى موعد المحاكمة في 28 أيار. مفهوم "التطبيع" حتى الأكاديمي والثقافي لإسرائيل، مطّاط، وأكثر منه مطّاطية بعض اللقاءات السياسية مع إسرائيليين في مناطق السلطة.. وأما مشاركة متضامنين إسرائيليين وأجانب في مقارعة الجدار، فهذا أمر آخر. المفارقة أن المكتبة الفلسطينية في الشؤون الإسرائيلية، بما فيها الأدب، هي أغنى المكاتب العربية منذ ما قبل السلطة وأوسلو. ولعلّ "بانوراما الصحافة" من مقالات إسرائيلية مترجمة، هي الأكثر قراءة في الصحف الفلسطينية. هل مسموح التطبيع الثقافي عن بعد، ومحظور التطبيع عن قرب؟ سؤال سخيف. "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتظام من فرح في تردّد نيسان انتظام من فرح في تردّد نيسان



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon