توقيت القاهرة المحلي 04:58:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«لا تذكروا من بعدنا إلاّ الحياة»

  مصر اليوم -

«لا تذكروا من بعدنا إلاّ الحياة»

حسن البطل

 

خلينا نبتعد عن «دوشة» مجلس الأمن والجنائية الدولية، وحتى عن الحنين إلى الزمن الثوري الفلسطيني، وحنين البعض العربي إلى زمن الخلافة (العثمانية للبعض، والأموية ـ العباسية للبعض، والأندلسية للبعض.. والراشدية بالذات للبعض).
عندما صدر الدستور العثماني، حياه الشاعر إيليا أبو ماضي بقصيدة من أبياتها: «.. وكنّا نرى الأحزان ضربة لازب/ وصرنا نرى الأفراح ضربة لازم»!
أبو ماضي خاب أمله في الإصلاح العثماني، كما خابت آمال البعض بمرحلة ما بعد أوسلو والزعامة العربية، علماً أنه «ناكف» شاعرا جاهليا في قوله: «نحن قوم لا نرى في الخير لا شرّ بعده/ ولا نرى في الشرّ ضربة لازب»!
كيف السبيل إلى «منزلة بين المنزلتين»؟ الشر والخير؟ ما قبل أوسلو وما بعدها؟ الكفاح المسلح في المنفى، وبناء حياة وطنية فلسطينية في زمن ما بعد أوسلو؟
الذي قال أعلاه «لا تذكروا من بعدنا إلاّ الحياة» قال، كذلك: «ما أضيق الأرض التي لا حنين فيها إلى أحد».
على هذه الأرض الضيقة التي نبني فيها وعليها «حياة وطنية» أمكن لنا القول: «كان اسمها فلسطين.. وصار اسمها فلسطين».
إلى جانب «دوشة» مجلس الأمن والجنائية الدولية، نتذكر أننا نملك في الزمن الأوسلوي من مقومات حياة وطنية ما لم يكن لدينا في الزمن الثوري. مثلاً: فاز «مسرح نغم» بالخليل بالجائزة الكبرى لمهرجان المسرح العربي، في زمن عمّان وبيروت لم يكن لدينا مسرح حقاً، ولا مدارس للمسرح والرقص والموسيقى.
لم يكن لدينا معاهد وطنية للموسيقى، مثل معهد ادوارد سعيد، ومعهد سعيد ـ برينباوم لم يكن لدينا «ثلاثي جبران» يعزف في البلاد والعالم، وعزف مؤخراً في صالة الفلهارمونيا الفرنسية، واحدة من أهم صالات الموسيقى في العالم.
لم يكن لدينا فريق وطني لكرة القدم، فاز في تصفيات بطولة آسيا، وخرج من مباريات البطولة، ولا دوري لفرق كرة القدم، ولا ملعب واحد معشّب في البلاد.
في الزمن الثوري كان «أبو عرب» يصدح، وفي زمن ما بعد أوسلو صار لدينا «محبوب العرب». وفي الزمن الثوري كانت لدينا «سينما وثائقية» وصار لدينا أفلام روائية فلسطينية تطمح بالأوسكار!
لن أحكي عن جوانب أخرى: العلم وجواز السفر و»شركة الخطوط الجوية الفلسطينية» وما لا حصر له، ولا عن جامعة وطنية واحدة، والعديد من الجامعات، بل كيف كان الأدب وكيف صار، وكيف كان الشعر وكيف صار، وكيف كانت الرواية وكيف صارت.
على الأرض الوطنية يمكن بناء حياة وطنية جديدة، كما يمكن مقارعة الآخر بالسياسة، كما كنا نصارعه بالبنادق.
عاد صبري جريس إلى قريته الجليلية فسوطة، من إدارة ورئاسة مركز الأبحاث الفلسطيني في زمن المنفى والثورة والكفاح المسلح. أذكر في جلسة معه في نيقوسيا، وكيف قال: كم كان لدى الفلسطينيين في إسرائيل، بعد النكبة، من كفاءات، وكم صار لديهم الآن.. إلى أن تشكّلت قائمة حزبية عربية لانتخابات الكنيست، وجميع عناصرها من الكفاءات الأكاديمية!
يهود العالم بنوا في بلادنا «كوبانية» ثم مستوطنات، ثم «ييشوف» يذكّر بسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني، ثم دولة بنت «حياة إسرائيلية» نوعية.. ومن الدياسبورا (الشتات) إلى بلد يهودي.

مقارنة ما
للسلطة الفلسطينية سياسة وطنية (مختلف عليها) وسياسة عربية (مختلف عليها) وسياسة دولية (مختلف عليها)، لكنها في سياستها العامة تمارس «سياسة مسؤولة».. أما إسرائيل فإنها صارت تدير سياسة أزمات مع دول العالم لا توفر حتى الولايات المتحدة.
أزمة وقاحة مع حليفها الاستراتيجي، ومن قبل أزمة قلة كياسة مع فرنسا، وأيضاً أزمة سياسية مع السويد، أدت إلى إلغاء زيارة وزيرة خارجيتها، ثم أزمة طازجة مع نيوزيلاندا، لأنها عيّنت سفيرها في إسرائيل ممثلاً لها في فلسطين. لكن، أهم أزماتها هي مع مثقفيها نتيجة لسياستها الداخلية والخارجية. يكفي دلالة أخيرة معارضة أبرز روائييها العالميين، عاموس عوز، لسياستها إزاء الموضوع الفلسطيني، وغيره إزاء علاقتها بدول العالم والولايات المتحدة بخاصة، وغيرهم إزاء جنوحها لليمين المتطرف اليهودي، ومستقبل علاقتها برعاياها الفلسطينيين.
هل من الغريب أنه في كل أزمة يتحدث البعض في إسرائيل عن «خطر وجودي» يهدّد الدولة الأقوى في المنطقة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لا تذكروا من بعدنا إلاّ الحياة» «لا تذكروا من بعدنا إلاّ الحياة»



GMT 04:32 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

ما قال... لا ما يقال

GMT 04:30 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 04:27 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 04:24 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 04:22 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 04:19 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

عن الحيادِ والموضوعيةِ والأوطان

GMT 04:16 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

أين يُباع الأمل؟

GMT 04:11 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الجميع مستعد للحوار

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon