توقيت القاهرة المحلي 00:27:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتكاسة الأولى ؟!

  مصر اليوم -

الانتكاسة الأولى

حسن البطل

اجتازت هذه المصالحة عقبات صعبة وموانع كؤود خلال سبع سنوات، ويبدو أن عليها اجتياز حقول ألغام قبل أن تصل إلى صناديق الاقتراع.
تمّ تذليل العقبات والموانع في الفترة المضروبة والمقررة، أي خلال 5 أسابيع على إعلان اتفاق المصالحة، بتشكيل حكومة وفاق.
لكن، هل تستطيع حكومة الوفاق نزع وتعطيل الألغام خلال فترة الشهور الستة، وأكثرها تضخيماً يتعلق بالاتفاق على نظام الانتخابات، وهل تجري وفق القائمة النسبية (البلاد دائرة واحدة) أم تجري بنظامين والقائمة النسبية والدوائر؟ بما أن التفاهم جرى على انتخاب المجلس الوطني الجديد، حيثما أمكن، وفق نظام القائمة النسبية، لأن فلسطينيي الشتات لا يجري عليهم نظام الدوائر، فهل يمكن أن تتوصل حكومة الوفاق إلى وفاق حول نظام الانتخابات؟
بصراحة، تمت المصالحة على غرار "مكره أخاك لا بطل" بعد انهيار المفاوضات بالنسبة لحكومة رام الله؛ وبعد ردم معظم الأنفاق بين غزة وسيناء وتشديد النظام المصري الجديد على إغلاق معبر رفح.. ومتغيرات إقليمية سلبية في علاقة "حماس"، مقابل متغيرات إقليمية إيجابية في علاقة حكومة رام الله.
ما كادت السلطة الوطنية أن تفرغ، تقريباً، من توحيد المناهج الدراسية، ومعظم القوانين بين الشطرين، حتى باشرت حكومة "حماس" في إقامة إدارة جديدة وموازية، قامت بسن وتشريع قوانين خاصة، بالاعتماد على "مجلس تشريعي" منتخب، لكنه يشمل نواب غزة وحدهم.
ترتب على خطوات حكومة "حماس" أن تردّ على استنكاف موظفي السلطة العسكريين والمدنيين عن الخدمة، بإقامة جهاز عسكري مستقل تماما، وجهاز إداري موازٍ يعتمد على كوادر حماس ويتلقى رواتبه منها.
على ما يبدو، تم الاتفاق على تأجيل دمج كتائب القسام بقوات الأمن الوطني إلى ما بعد الانتخابات، وبإشراف أمني مصري.
لكن، بعد أيام من تشكيل حكومة الوفاق، وحل عقبتين أخيرتين: الخلاف على حقيبة الخارجية، وإلحاق وزارة الأسرى بمنظمة التحرير، حتى انفجرت مسألة رواتب موظفي إدارة "حماس"، ومنعت الشرطة هناك موظفي السلطة من استلام رواتبهم من البنوك وأجهزة الصراف الآلي.
حتى قبل بناء "حماس" جهازا إداريا موازيا، كانت حصة غزة من الوظيفة العمومية عالية، بحكم أنها كانت منشأ الإدارة الفلسطينية، ولأسباب أخرى منها معدل البطالة في غزة الأعلى منه في الضفة.
من أصل مجموع موظفي القطاع العام، البالغين 150 ألف عسكري ومدني، كان في قطاع غزة 70 ألف موظف، واضافت إدارة حماس إليهم 41 – 47 ألف موظف آخر، صرفت عليهم من مواردها الخاصة (الضرائب، ومساعدات خارجية وأرباح الأنفاق).
رئيس السلطة أبو مازن له منطق عملي: إلى حين حلّ هذه المشكلة، على إدارة حماس مواصلة تدبير رواتب موظفيها، لأن بند الرواتب يكاد يقصم ظهر ميزانية السلطة، وبخاصة مع تهديدات إسرائيلية بحجب أموال المقاصة.
ما هو منطق أبو مازن الأمني لفتح معبر رفح بشكل دائم؟ إنه إشراف جهاز الرئاسة على المعبر لحل مشكلة الثقة المفقودة بين مصر وحركة حماس، وأيضاً للعودة إلى اتفاقية المعابر للعام 2005 التي توصلت إليها، في حينه، وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، وتلحظ دوراً للاتحاد الأوروبي.
هذا موقف مصر، الرسمي، كما تبلغه رئيس السلطة خلال زيارته للقاهرة، لتهنئة الرئيس السيسي بفوزه، وبما أن حماس وافقت على العودة لمرجعية مصر في المصالحة، فعليها أن توافق ـ كما فعلت ـ على سيطرة الحرس الرئاسي على المعبر، كما على إسرائيل قبول سيطرة الحرس على المعابر معها، ما دامت أبقت على "التنسيق الأمني" مع السلطة، وجمدت كل صلات سياسية معها.
أبو مازن لم "ينقلب" على اتفاق المصالحة، كما زعمت بعض مصادر "حماس" لأنها وافقت على تولي الحرس الرئاسي أمن معبر رفح، كما وافقت السلطة على تأجيل توحيد تدريجي للأجهزة الأمنية إلى ما بعد الانتخابات.
مصر رحبت بـ "جدية حماس" في المصالحة، لكن تريد أن ترى عودة السيطرة للشرعية الفلسطينية، على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وحتى عودة الشرعية الفلسطينية إلى مقراتها في قطاع غزة.
هذا يعني، بالنسبة لمصر، أن حكومة وإدارة وقوات حماس ليست ذات صفة شرعية، لأن شرعيتها الانتخابية تقادمت ومعها شرعية حكومة رام الله والبرلمان والرئاسة الفلسطينية ذاتها، لكن السلطة تريد تجديد الشرعية وطنياً، بعد أن عاملها العالم كسلطة شرعية واقعياً، كل مواقف أبو مازن من المصالحة يمكن إجمالها: حكومة وانتخابات.
السلطة رفضت شروطاً إسرائيلية وأميركية للوصول إلى حلّ سياسي، وهي لا تستطيع قبول شروط أو تفسيرات "حماس" للوصول إلى حل وطني، لأن ذلك منزلق يقودها إلى شروط حمساوية لاحقة من شأنها أن تبرّر لإسرائيل وأميركا، أيضاً، مقاطعة حكومة المصالحة، أو عدم الاعتراف بنتيجة انتخابات لاحقة.
"حماس" قدمت تنازلات للصلحة، منها قبول ترئيس الحمد الله للحكومة، وكذلك قبول إصرار أبو مازن على تكليف وزير الخارجية بالاستمرار في منصبه، ونقل وزارة الأسرى لمنظمة التحرير من الحكومة.
هذه التنازلات قابلتها رام الله بتنازلات، وهذه وتلك جزء من تفسير "المحاصصة" على أنها "توافق"... والآن على الجانبين تقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية العليا، ما دام التوافق والاتفاق يشمل إجراء انتخابات يكون بعدها لكل حادث حديث.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتكاسة الأولى الانتكاسة الأولى



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon