حسن البطل
بقلم: امتياز ذياب عن أشرف فياض
تحياتي وتضامني مع قضيتك التي تهدد حياتك على الأراضي السعودية، أنا معك ليس لأنك شاعر أو لأن لك الحق في الإلحاد، أبداً لأنك إنسان.
لا أعتقد أنك شاعر ملحد، فهذا غير صحيح، تاريخ الشعراء يشهد على ذلك، لا يوجد شاعر عظيم أعلن إلحاده دون إعلان إيمانه العميق.
الشاعر يجادل ويسأل .. يغضب ويرضى، يتغير مع نسمة من مزاج إلى آخر.
إنه طفل ولا يحق محاكمة الأطفال وذلك في جميع الأعراف والثقافات وعلى مدار القرون التي تكوّن منها التاريخ.
دعوني أحكي لكم عن إيمان لوركا الذي يعبده جميع شعراء العالم، أو إيمان رامبو الجميل وكفافيس أبو الشعراء وشيمبورسكا التي أحبت وعتبت على الله فقط؛ لأنه لم يتواجد عندما اهتز عرش حبها الشعري، إذ ظنت أنه غاب عنها.
لقد اتهموا محمود درويش بالإلحاد، مع أنه كان يناجي الله كما كان يعاتبه، وعندما يناجي الشاعر الله فهو يؤمن به أكثر.
يا عزيزي أشرف..
بلغني أن أقرباءك ينكرون أنك شاعر، وأنك أنت نفسك أنكرت ذات الديوان «التعليمات بالداخل» الذي أمسكوا به كدليل على إلحادك، كما بلغني بأنهم ينفون عنك ملكة الشعر، وإنها نزوة شباب لا أكثر، في محاولة منهم ليساعدوك أمام المحكمة، أتوا بأدلة طبية على أمراضك النفسية التي لا تؤهلك على الظهور أمام المحكمة المنوط بها انتزاع أنفاسك من روحك التي ندافع عنها.
كما بلغني أيضاً أن الواشي بك هو صديقك، شاعر آخر (غير ملحد) على ما يبدو، وشى بك نكاية بسبب خلاف فكري.
وآخرون يقولون: إن الخلاف كان على لعبة كرة القدم، وتأييدك المخالف لصديقك المختل، هو الذي ساقك إلى السياف بتهمة التشكيك بالذات الإلهية، لكن بغض النظر عن الأسباب إن كانت فكرية أو رياضية، قام العالم «الفيسبوكي» قومة فريق يحبّ الحرية، رَصدتُ عشرات المقالات تحكي حكايتك بأكثر من طريقة، حتى إن الشهرة أصابت بعض المناضلين من أجلك، جميعهم تغنى بما صرحته، تصريحات UN شديدة اللهجة. المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، هيومان رايتس ووتش وأمنستي إنترناشونال، عشرات المنظمات التي تتواجد مكاتبها في العواصم الغربية التي حابت السعودية، مثلما حابت وحَمَت نظام القذافي عندما كان مناسباً لهم، ومن قبله صدام حسين عندما كانت لديه القدرة على خدمتهم ضد إيران بصورة الخميني الذي صمم ثورته أصلاً في عاصمة النور باريس، وأسماء كثيرة تعينت حتى من قبلهم مباشرة ليحكموا شعوبهم بالإرهاب والترهيب، مثل بن علي الذي حكم تونس مع زوجته التي تملك الآن قصوراً على أجمل الشواطئ الفرنسية.
مع تلك الأدوات الظالمة التي سميت بالحكومات، باتت سمعة الأفراد فيها - أي نحن - شبيهة بسمعة الوحوش التي ربوها وروضوها لاقتناص ما تبقى من أرواحنا الجميلة.
بكى لوركا أمام قاتليه وقال لهم: ما أنا إلا شاعر.
إن مت يا أشرف، لا تنكر أنك شاعر، قل لهؤلاء الذي يبغون حمايتك من خلال إلغاء تاريخك وذاكرتك، ماذا ستكون عليه الحياة دون الشعراء؟ فهم من تغنوا بالحب والمحبة، شعلة الحياة الحب.
نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية