توقيت القاهرة المحلي 00:27:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سورية : ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب !

  مصر اليوم -

سورية  ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب

حسن البطل

قل إن في سورية حرب وانتخاب. الانتخاب لن يخمد الحرب.. أو قل إن في سورية ماء الانتخاب ونار الحرب. الانتخاب لن يطفئ النار. وقل إن في سورية انتخابات تنافسية، لكنها "بين بشار وبشار" حسب تعبير لاذع لوزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس.
اليوم، أو غداً، سيعطي الانتخاب إحصائياته: نسبة المصوتين. نسبة توزيع الأصوات على ثلاثة (الرئيس ابن الرئيس ونكرتين). نسبة الفائز بأعلى الأصوات.. هذه حقيقة سورية في مرآة مهشمة (لا محدّبة ولا مقعّرة)، لأن أصحاب حق الاقتراع، رسمياً، هم 15 مليون ناخب من 24 مليون مواطن، علماً أن 60% من أصحاب حق الاقتراع يقيمون في مناطق تحت سيطرة النظام.
قبل إحصائيات الانتخاب، توالت (وتتوالى بعد الانتخاب) إحصائيات الخراب والحرب.. والهجرة إلى خارج البلاد (أكبر هجرة من بلد نسبة إلى عدد السكان) وهجرة لجوء أخرى داخلية (أكبر انتقال من مكان إلى مكان في بلد يخوض حرباً أهلية).
أعداد القتلى هي الأهم طبعاً، لكن الأعداد متضاربة بين عدد محاربي النظام وأنصاره (النظاميين والمؤازرين) وعدد قتلى المعارضة (المعارضات) وعدد القتلى المدنيين. النظام، كعادته، لا يتحدث عن ضحاياه أو ضحايا شعبه، بل عن قتلى المعارضة؟
لا مقارنة بين حرب في سورية وعليها، وبين غيرها من دول الربيع العربي.. إلاّ في حاجة أهل النظام وأهل الثورة (في مصر وليبيا وتونس) إلى إجراء انتخابات، لأن الحقيقة ذات الوجهين (والوجوه) بحاجة إلى لثام أو "نقاب" الشرعية، والشرعية ذات وجهين أيضاً. ما تقوله صناديق الاقتراع، وما يقوله العالم عن نتيجة الصناديق.
قبل العالم نتيجة الصناديق في تونس ومصر، ولم يقبل، بعد، نتيجة الصناديق في ليبيا، ولا مفرّ له من الاعتراف بنتيجة الصناديق في العراق (أول انتخابات بعد انسحاب الجيوش الأميركية).
مسبقاً، لا يبدو العالم الغربي (الديمقراطي) سيقبل نتيجة صناديق سورية، ولا المعارضة ـ المعارضات السورية، الأصلية منها والوافدة، ستقبل بالنتيجة. هذا يعني أن الانتخاب السوري لن يكون مدخلاً إلى حسم الحرب أو الاستقرار، وهذا الأخير سبب رئيس من أسباب نسبة التأييد المتوقعة لانتخاب هو بمثابة "تجديد بيعة" لرئيس النظام، قبل أن يكون للنظام.
في تونس ومصر، واليمن أيضاً، والعراق طبعاً، غيّرت الثورة النظام، وأطاحت برأسه، لكن الأمر مختلف في سورية العصية أبداً، حيث عدّل النظام الدستور بجرة قلم وباستفتاء، وبدلاً من "رئيسنا إلى الأبد" سيتولى الرئيس ابن الرئيس "إلى الأبد" حافظ الأسد ولاية رابعة.
يبدو أن ناخبي رأس النظام من السوريين غفروا له خطاياه في تحويله أروع انتفاضة شعبية سلمية في دول الربيع العربي إلى حرب أهلية فإقليمية وعالمية؛ وغفروا له أن الحزب الحاكم كان يستطيع وقف تطور الحرب لو اختار رئيساً آخر من الحزب ذاته، مثل نائب الرئيس فاروق الشرع الغائب، صوتاً وصورة، منذ عامين. هناك مبالغات في طائفية النظام.
سورية صارت قائدة "محور الممانعة" الإقليمية والدولية بعد أن كانت قائدة "دول المواجهة" العربية، لكن النظام لم يقبل تسوية في شبيرز تاون مع إسرائيل، كانت ستوفر عليه هذه الحرب، ولم يذهب إلى حرب مع إسرائيل لاسترداد الجولان كانت ستوفر على البلاد كل هذا الخراب والدمار الأكبر من خراب حرب مع إسرائيل.
لماذا تناسى الناخب السوري للرئيس، أو "البيعة" له، خطايا النظام؟ لأن خطايا المعارضة كانت أكثر مدعاة للنفور، فهي فشلت في تشكيل معارضة ائتلافية أو "جبهة"، رغم محاولات إقليمية ودولية لذلك، ثم فشلت في إدارة الحرب، وإيجاد إدارة موازية تكون أقل جوراً من إدارة جائرة للنظام.
لعل السبب الأول لمعارضة معظم السوريين للمعارضة أن السوريين تربُّوا، تاريخياً، على نزعة وطنية استقلالية، هذا بينما يبدو للسوريين أن بعض المعارضة حليفة أو عميلة لقوى دولية وإقليمية، وبعضها الآخر أداة وأدوات لحركات الإسلام المتطرف، و"أنصار الشريعة"، وهذا يخالف النزعة الاستقلالية السورية، كما يخالف الاتجاه الوسطي للإسلام السوري.
النظام السوري في الحكم منذ 50 سنة وهي أطول فترة هدوء في تاريخ سورية المستقلة، باستثناء بعض الخضّات والأزمات. هذا يعني أن النظام حقق لسورية استقراراً طويلاً، ومن ثم صارت سورية نموذجاً لدولة عربية ذات فروع اقتصادية متوازنة نسبياً: زراعية، صناعية، تجارية.. وسياحية أيضاً، خلاف دول عربية تعتمد على مصدر واحد رئيسي، مثل النفط، أو السياحة أو الزراعة.
هذا لا يعني أن ثورة سلمية، جميلة ورائعة في بداياتها، وتلتها حرب مدمرة وبشعة، لن تغيّر وجه النظام ولو بعد انتهاء الحرب، لأن سطوته على الشعب قد انهارت، لكن المعارضات المتعارضة لم تتفق على نظام بديل لنظام قمع الثورة السلمية.
كانت سورية "لعبة أمم" في الفترة بين استقلالها وبين وحدتها مع مصر، لكنها كانت "جوزة صلبة" في هذه اللعبة، بدليل عصيانها منتصف الخمسينات، على الانخراط في "حلف بغداد ـ السنتو" من إيران ـ الشاه، وتركيا العسكر، والعراق الموالي للغرب.
منذ تسلم حزب البعث حكم سورية، بعد فوضى وانقلابات، جعل الرئيس الأسد سورية لاعباً إقليمياً وحتى دولياً، وأتاح له حكم طويل من الاستقرار بناء سورية الحديثة، جامعاً بين أسلوب الحجّاج بن يوسف الثقفي، وأسلوب معاوية بن أبي سفيان. وبالفعل، كان معظم السوريين ينتخبون الأسد الكبير لأنه حقق للبلاد الاستقرار والتنمية معاً على حساب الديمقراطية، لكن مسألة توريث الحكم كانت غلطة الأسد الكبير، لأنه كان يستطيع اختيار استمرار الحزب الحاكم بدلاً من اختيار ولد ثم ولد آخر لوراثته.
سورية تنوس بين الخطأ والخطيئة إلى ما شاء الله!؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية  ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب سورية  ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon