توقيت القاهرة المحلي 20:14:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يا لها من عربة؟

  مصر اليوم -

يا لها من عربة

حسن البطل

على جانب باب سيارة الشحن يكتبون، أحياناً، عبارتين: حمولتها فارغة (أي وزنها) وحمولتها القائمة (أي طاقتها على الحمل).
لا أعرف ما الذي كان في بال الشاعر القديم، عندما وصف قافلة من الإبل: "ما للجمال مشيها وئيدا / أجندلاً يحملن أم حديدا" أي هل تحمل قتلى حرب أم تحمل الحديد الثقيل.
هيدروليك وميكانيك؛ كهرباء ومغناطيس يجعل الرافعات في الموانئ البحرية تحمل مستوعبات "كونتينر" ذات اثقال مهولة. محركات صواريخ جبارة ترفع الى الفضاء العالي ما يشبه السخرية من قوانين الجاذبية الأرضية.
لكن السؤال سؤال العضلات، لا سؤال اعصاب من فولاذ، ومنه كم يستطيع بطل العالم (الرّباع) في رفع الأثقال أن "يشقل" وزناً من الحديد قياساً لوزن جسمه وقوة عضلاته؟.
يحكون للأطفال عن سباق غير متكافئ بين الأرنب السريع واللاهي، والسلحفاة الوئيدة والمجدة. أمّا للكبار فيحكون عن بطلة غير الرباعين في حمل الاثقال: إنها النملة ذات الأرجل العديدة، التي تحمل اضعاف وزنها.
أفكرّ أن أحمل كاميرا والتقط بها صوراً لعربات الزبالين. إنها تدبّ، وئيداً، على دولابين، كما يدبّ الانسان على قدمين. بين الدولابين برميلان. ليس لعربة الزبال حمولة قصوى، لكن حمولتها فارغة قياسية مضافاً اليها حمولة المكنسة والمجرفة لرفع القمامة.
ليست طاقة عربة الزبال على الحمل هي المسألة، لكن شكلها العجيب الذي لحمولتها من القمامة، وبالذات هذه الاضافات "الاكسسوارات" الملحقة بها، مثل ربط صناديق الكرتون الفارغة، او تعليق اكياس البلاستيك الكبيرة على جوانبها.
يبدأ الزبال يدفع وعربته في مشوار الشغل كأنها عارية؛ مجرد عربة ذات دولابين وبرميلين ترتفع في احدهما عصاوان للمكنسة والمجرفة .. ثم "تلبس" العربة خليطاً من الالوان، وكذا ما يشبه "ملابس" ملائمة لفصول السنة كلها، فتبدو "كتلة" تحمل ما هب ودب من الحطام، ولا يبدو لها شكلاً هو لعربة الزبال من دولابين وبرميلين ومكنسة ومجرفة!
شعار الزبال في تعامله مع عربة الزبالة هو "الحاجة ام الاختراع" في المقدمة يلتقط علبة كرتون ضخمة وفارغة ويضعها مستوعباً مقدمة لعربته، كأنها "سترة الريح" مثلاً في دبابات جيش اسرائيل، او يضع على جوانبها "معلقات" من أكياس القمامة الكبيرة، بما يذكّر بصفائح حماية المدرعات والدبابات من صواريخ مضادة للدروع.
أحياناً، تعلو أكوام الزبالة على طول قامة الزبال، فيميل بنظره جانبياً ليرى طريقه الى "حاوية" حديدية في طرف الشارع، يُفرغ فيها حمولته من القمامة، وتأتي سيارة جمع القمامة لتحمل حمولة زبالة الحاويات.
كان لبلدية رام الله نظام قديم هو بمثابة صناديق حديدية خفيفة معلقة على الاعمدة لجمع ما يمكن من المهملات والزبالة الخفيفة. لم تعد طاقة هذا النظام تحتمل او تستوعب. هكذا، صار للبلدية نظام جديد هو صناديق من الخشب في جوفها برميل مضلّع من المعدن، لأن شكل الصناديق هو شكل زهرة اللوتس .. وهذا، بدوره، لم يعد يتحمل تخمة من قاذورات متنوعة. الآن، صار على المحلات أن تسلم قمامتها في أكياس او صناديق كرتون في ساعات معينة، لتحملها سيارات القمامة الكبيرة.
يبدو أن نظام مواقف السيارات مسبقة الدفع ينجح قليلاً قليلاً، لكن نظام جمع فوارغ علب الكرتون لإعادة تدويرها لا ينجح جيداً، بالرغم من صناديق عملاقة خاصة بجمع صناديق الكرتون.
شوارع مدينة رام الله ذات مستويين من الوساخة. المستوى الاول لمركز المدينة، حيث يعمل الزبالون بالتناوب على مدار الساعة لرفع قمامة الشوارع، وأمّا في المستوى الثاني للشوارع الجانبية الأخرى، فإن القمامة قليلة وفوارغ المشروبات قليلة، والشغل صباحي فقط.
ما أريد قوله هو بسيط وحقيقي: إن بطل المدينة هو عامل النظافة أي الزبال، الذي يشقى ويتعب في الأعياد والتظاهرات والمسيرات التي تخلّف كثيراً من المهملات والزبالة، تجعل صور عربة الزبالة عجيبة غريبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا لها من عربة يا لها من عربة



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 06:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 19:30 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة نجلاء بدر تعلن وفاة عمها عبر "فيسبوك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon