مارجريت عازر
أستاذى خالد منتصر أنا من أكثر القراء إعجاباً بمقالاتك وفكرك المستنير، وأرى فيك كاتباً ينتصر للعلم والمثل الإنسانية. فأنت كما قلت فى مقالك الأخير من أكثر الكتّاب الذين دافعوا عن مشكلات الأقباط من خلال العديد من المقالات، على سبيل المثال وليس الحصر: (ثلاثى المرأة والفقير والقبطى) و(هل ترضى يا مسلم أن تكون إجازتك الأحد؟) منتصراً لفكرة العمل والمصلحة بعيداً عن فكرة أن هذا اليوم لصلاة المسيحى أو المسلم، ودافعت عن أبنائنا من المسيحيين الذين يوزعون البلح فى رمضان فى مقال بعنوان (التبشير بالبلحة والإيمان بالنواية)، وقضية الوظائف والمناصب، وهى تعتبر من أهم مشكلات الأقباط، حينما كتبت مقالك الرائع (من حق المسيحى هو كمان يبقى طبيب نسا) و(شهادة أبوالغار عن اضطهاد الأقباط فى قسم النسا)، وهذا المقال الرائع الذى يبرهن على صفاء النفس والحيادية الكاملة حينما كتبت (حلم القناة يحقق حلم أبانوب)، وناشدت الرئيس بناء كنيسة بجوار الجامع باسم الشهيد أبانوب ابن القنطرة الذى استشهد دفاعاً عن زملائه وكان فى جيبه تصريح الخروج وينتظر زميله المسلم للذهاب معاً.
أحببت أن أذكر بعض المقالات التى تنتصر فيها لمبادئك واحترام الآخر، خاصة أنك لست ممن يدافع عن القضايا لكسب شعبية فى الانتخابات، فأنت من المدافعين بإيمان عن مبدأ المواطنة، ولذلك أقول لك إن عتابك على بعض الأقباط عتاب المحب، ولكن لا بد أن تكون قد تعرفت على الجينات المصرية، فهى واحدة عند المسلمين والمسيحيين، فالعاطفة الدينية لديهم أغلى من أى شىء آخر. أغلى من الابن والمال والعرض، فإيمانهم إيمان تسليمى لا يجوز المساس به. ولكنك ذكرت فى المقال حينما تكلمت عن بول الإبل أن المسيحيين فرحوا وغضب المسلمون، وعندما تكلمت عن الزيت المقدس فرح المسلمون وغضب المسيحيون، إذن العيب ليس فى معتنقى الديانتين ولكن فى الثقافة التى تربوا عليها، فلا بد من تغيير هذه المفاهيم واحترام الفكر وتقبل الآخر. ففى الحقيقة أنا واحدة من الناس أتفهم أنك إطلاقاً لا تريد سخرية من عقيدة أو إهانة لدين، خاصة أن السيدة العذراء مقدسة فى الديانة الإسلامية، فهى أطهر نساء العالمين، فأنت لا تتطرق لشىء يخص العقيدة المسيحية، فالإيمان بالزيت أو عدم الإيمان به هذا يرجع أولاً وأخيراً لقناعة الشخص نفسه. والسيد المسيح قال للمفلوج: «إيمانك قد شفاك»، لذلك أقول لك إن هذا ليس عدم وفاء من الأقباط لدكتور وكاتب تبنى هموم ومشكلات الأقباط بمنتهى الحيادية والإنصاف وتكلم وأظهر مواقف شخصيات مسيحية وطنية، وأعطى لهم حقهم وهاجم شخصيات مسلمة قد تكون حادت عن مبدأ المواطنة والفكر السليم، فقد هوجمت عندما تكلمت عن عذاب القبر والعلاج بالأعشاب.
ومن هنا نستطيع أن نقول إن الشخصية المصرية واحدة والثقافة واحدة، نعم أنا أشعر بمشاعرك وأنت تقول كان يجب على المسيحيين أن يتقبلوا الآخر ويقبلوا الاختلاف ويفهموا أن حل المشكلة كلها فى أن الاختلاف لا يعنى العداء أو الإهانة فهم أكثر الناس الذين يشعرون بالهجوم من المتشددين عند مناقشة أى مشكلة تخص الدين فيقوم متخلف فى مجلس شعب يقول لنائبة وهى تناقش قانون الأحوال الشخصية «وانتى مالك بالموضوع انتى مسيحية»، أو حينما تدافع نائبة عن الشيخ على جمعة فى ذهابه إلى المسجد الأقصى ويطلع نائب على التلفاز يقول إن المجلس كله ضد الزيارة ما عدا نائبة مسيحية ويقول اسمها وهذا فى مجلس يدافع عن كل المصريين أساسه المساواة والعدل، إذن هى الثقافة المصرية لا مساس من بعيد أو قريب بالدين، متناسين أن الدين هو الحب والإخاء واحترام الآخر «وجادلهم بالتى هى أحسن».
وبعيداً عن هذا الموضوع كنت أشاهد التليفزيون فرأيت برنامجاً يتكلم عن (حملة حل الأحزاب الدينية) وقد أزعجنى جداً حديث سامح عيد عندما تكلم بكل ثقة أن الوزارة المقبلة سوف يكون بها ما لا يقل عن ثلاثة وزراء من السلفيين، فى الحقيقة أنا لا يعنينى كثيراً وجودهم فى الوزارة إذا كانوا أكفاء يخدمون الوطن بأجندة وطنية، ولكن المزعج فى الموضوع أنها رسالة منهم أنهم على دراية بالأمور وأن النظام يحاول إيجاد بديل للإخوان برغم رفض الشارع لهم، والسبب أنهم أصحاب كل الفتاوى الغريبة التى تم تصديرها للشارع المصرى فى عصر الإخوان. والخطر أن يتكلموا عن تشكيل الحكومة من عدمه بمعرفة ولا يوجد أحد يستطيع أن يتكهن من سيكون فى الوزارة أو ما هى المواصفات المطلوبة للمرحلة المقبلة، هذه الرسالة أزعجتنى أنهم يريدون تصدير المعرفة وكأنهم شركاء حكم. فأنا أعلم أن النظام لا يحابى أحداً ولا يمكن للمرحلة القائمة أن تقوم على أى توازنات مع أى فئة من المجتمع، وأن المرحلة المقبلة لا يمكن أن يكون بها أى معيار إلا الكفاءة والنزاهة والوطنية التى هدفها الأول الارتقاء بمصر ودفعها إلى الأمام.. وفق الله المسئولين لصالح مصر والمصريين.