مارجريت عازر
جاءتنى دعوة من رئاسة الجمهورية لحضور حفل إفطار الأسرة المصرية، وفى الحقيقة أنا واحدة من المصريين الذين يستمتعون بشهر رمضان ويشعرون بالدفء المصرى واللحمة الوطنية وأشعر بأن المصريين كلهم عائلة واحدة يأكلون معاً فى وقت واحد وأن هذا الشهر الوحيد الذى لا يوجد به شخص جائع وأعشق شوارع مصر ولياليها وأستمتع بالإفطار والسحور مع أهلى من المصريين وخاصة بالأحياء الشعبية التى ترى فيها أصالة المصريين الذين يقدمون لك البلح والعصير ويصرون على تناول الطعام معهم.
ومع كل هذه المشاعر بالأمس شعرت لأول مرة وأنا التى تم دعوتى بلا مبالغة أكثر من مئات الدعوات طوال عمرى على الإفطار أننى فى حفل حب من نوع آخر. كل الموجودين يشعرون تجاه الرئيس بالحب والتقدير وهم أمام رئيس أب لكل المصريين يحبهم ويحترم الكبير والصغير. يشعر بألمهم ويسعى لتحقيق آمالهم.
لقد سعدت حينما قال الرئيس إن والد الشهيد حسام أرسل له رسالة يقول فيها إن ابنه افتدى الستة والعشرين زميلاً له من أبناء القوات المسلحة، فقال له لا إنه افتدى تسعين مليون مصرى وإن الشهيد كل من دافع عن الغير أو النفس وإن شهداءنا من الشرطة والجيش الذين يدافعون عن تسعين مليوناً هم بالتأكيد فى منزلة رفيعة من الشهادة.
كنت أرى فى الرئيس ابناً لكل أم فقدت ابنها وعائلاً لكل زوجة فقدت زوجها وأباً لكل ابن شهيد. كان يجلس عن يمينه ويساره أبناؤنا من الشباب الذين استمع لهم وقال له أحدهم إن بعض الناس معترضة على قانون مكافحة الإرهاب، فرد بكل ثقة: إننا فى مرحلة خطيرة لا بد أن يكون بها بعض الهفوات ولماذا يطالب الناس بكل شىء كاملاً. بالتأكيد لا بد أن نسعى للكمال فى كل شىء ولكن نحن فى ظروف استثنائية لا بد من وجود تدابير تضمن الخروج من الأزمة، وأكد أنه لا يلجأ إلى أى قرارات استثنائية. وتكلم عن أن الدستور المصرى دستور طموح أعطى لمجلس الشعب المقبل صلاحيات مهمة وعلينا أن نختار المجلس المقبل بعناية كبيرة لأن هذا المجلس يعول عليه المصريون الكثير. وأن هذا المجلس لا بد أن يختار بثقافة مختلفة عن الماضى لأنه إما أن يساهم فى الخروج من عنق الزجاجة أو أن يصبح، لا قدر الله، المعرقل لكل أحلام المصريين. فعلينا أن نختار لأول مرة باهتمام كبير، ومن هنا لا بد أن نحمّل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى مسئوليتها تجاه الوطن. فإن القوى السياسية حينما تختار من بين أعضائها وتدفع بهم لا بد أن يكون الاختيار على معيار الكفاءة والنزاهة لأن بالتأكيد الشعب سوف يحكم على كل الأحزاب فى الفترة المقبلة بالكفاءات المؤثرة وليس عدد الكراسى التى حصل عليها لأن عدد الكراسى يرجع لأشياء كثيرة، مثل المال السياسى والشعارات الرنانة.
إننا الآن فى حالة تغيير للمفاهيم وأنا أثق فى أن ثقافة الانتخاب تغيرت عند الأغلبية العظمى من الشعب المصرى. إن نظرة المواطن سوف تتغير فى تقييم الأحزاب ونوابهم. لقد آن الأوان أن يشعر المواطن بمجهود مؤسسات المجتمع المدنى التى تتلقى التمويل لتغير ثقافة الانتخاب وأهمية الاختيار وكيفية الاختيار فى كل النجوع والقرى.
وأخيراً أهنئ الشعب المصرى بعيد الفطر أعاده الله علينا باليمن والبركات وعلى القيادة المصرية بالخير والتقدم. حفظ الله مصر والمصريين من كل شر، فمصر محفوظة بقرآنها وإنجيلها وشعبها الواحد.. تحيا مصر.