توقيت القاهرة المحلي 11:26:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذكريات رمضانية

  مصر اليوم -

ذكريات رمضانية

ماردريت عازر

عشت فى حى شبرا، هذا الحى العريق الذى يجمع عراقة المصريين وأصالة أولاد البلد ويجمع كل أطياف المجتمع وطوائفه. فهو حى به كل طبقات المجتمع المصرى من أبنائه الكادحين الذين يحصلون على قوت يومهم يوماً بيوم ويجمع بين تجار كبار لقطع غيار السيارات والخضار والفاكهة والغلال، وتجار الذهب والمحلات التجارية الكبيرة وتغلب عليه الطبقة الوسطى التى تعتبر عماد المجتمع فى كل بلدان العالم وهى طبقة المتعلمين والموظفين الذين يحملون آمال البسطاء فى التقدم وتحسين مستواهم الاجتماعى ويرون فى التعليم كل طموحاتهم وطموحات الأغنياء فى تحقيق مشروعاتهم بعقول وطموحات هذه الطبقة.

كنت صغيرة وكنت أحيا ليالى رمضان فى هذا الحى بين الأهل والأصدقاء دون تفرقة بين من منهم مسيحى ومن منهم مسلم، فجميعنا يشترى فانوس رمضان، وكلنا يشترى مستلزمات شهر رمضان من ياميش وبلح وكنافة وقطايف، ونتبادل الأطباق قبل الفطار. جميعنا يصوم ونفطر عند أذان المغرب، الكل يسهر ويتسحر، ننتظر المسحراتى وهو يطرق على طبلة وينادى على المنازل حتى يستيقظ الناس وتتسحر قبل مدفع الإمساك. ونلعب معاً، أولاد وبنات، على مصابيح الشوارع جميعنا، أولاد وبنات، نزين الشوارع ونجمع من عم جرجس وعم محمد المال لشراء المصابيح والزينة لتزيين الشوارع لكى نلعب معاً ونفس هذه الزينة ندخرها لعيد السيدة العذراء. هذا الحى مع كل الأحداث التى مرت فى مصر وموجات الإرهاب كان له طبيعة مختلفة فلا تجد فى هذا الحى أحداثاً طائفية ولا اعتداءات على أى من دور العبادة، هذا الحى تجسيد حقيقى للحفاظ على الهوية المصرية؛ فحينما يسألك أحد: انت من حى إيه؟ وتقول له إنك من شبرا، سواء كنت مسلماً أو مسيحياً، تجده يعلم أنك إنسان وسطى عندك تصالح مع النفس ولك ثقافة جميلة هى التعايش وتقبل الآخر بكل المعانى. وهذا الكلام ليس مديحاً فى حى أعشقه وأتشرف بأننى من أبنائه، ولكننى أتذكر ليالى رمضان وما كانت عليه أحياؤنا وأهلنا من ترابط وحب وعادات ميزتنا وجعلتنا نسيجاً واحداً نفرح ونتألم معاً ونحيا أعضاء فى جسد واحد. وكل من يعرفنى يعلم أننى أعشق تقاليد هذا الشهر وروحانياته. فهذا الشهر لا تجد أحداً جائعاً رغم الصيام، فالجميع يأكل فى نفس التوقيت والغنى يتبارى فى خدمة الفقير فى موائد الرحمن وتوزيع شنط رمضان. ويجمع الأهل والأصدقاء ويشعرون أن مصر لكل المصريين والحفاظ على هذه التقاليد والعادات والحب الذى يظهر دون أى رياء بمحبة خالصة نحترم فيها مشاعر وأحاسيس بعضنا البعض دون أى عبء. ودون ظهور جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ولا حملة هنفضحكم، لأنه لا يمكن تنفيذ فرض الله إجباراً بالعنف ونزع صفة من صفات الله عز وجل، وهى الحساب، وهذا ما رفضه المجتمع المصرى. ومن هنا أقول إن المصريين سبيكة مختلفة وتركيبة خاصة جداً مهما طرأت علينا عادات غريبة سوف يلفظها المجتمع كما يلفظ الجسد أى جسم غريب عنه وسوف تعود لنا طبيعتنا إذا اهتممنا بثلاثة أشياء: ترسيخ مبدأ المواطنة، وهذا بالتعليم واهتمام الإعلام بهذه القضية بشكل حقيقى وليس فى تقبيل اللحى. وتطوير الخطاب الدينى. والقضاء على المحسوبية، وتغليب مبدأ الكفاءة بغض النظر عن أى اعتبار آخر. ودون وضع استراتيجية لتعميم كل هذه المفاهيم سوف نصبح محلك سر. فقد تغلبنا على كل الأزمات والمحن والإرهاب وكل ما تعرضنا له من مؤامرات بفضل أصالة المواطن المصرى الذى يعشق الحفاظ على هويته وعاداته وتقاليده، فإذا لم نبدأ من أمس كل هذا سوف نجده يندثر ويصعب علينا إرجاع هذه الهوية أرجو أن نبدأ ونحيا حياة المصريين الجميلة التى تربينا عليها ونعشقها ونورثها لأبنائنا. تحيا مصر لكل المصريين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكريات رمضانية ذكريات رمضانية



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon