مارجريت عازر
فى الحقيقة أنا أقدر تماماً القرارات التى اتخذتها الحكومة فى رفع سعر الوقود الذى يبتلع أغلب الدعم.. وإننا بالتأكيد نقدر غضب المواطن الغلبان الذى يكمل يومه «بالتيلة» وهو يعمل طوال النهار حتى يفى بمتطلبات أولاده.
وفى الحقيقة رغم أنى مقتنعة بأن هذه القرارات سليمة للإصلاح الاقتصادى فإن التوقيت صعب، خاصة أننا فى شهر رمضان الكريم وهو يختلف فى عاداته عن أشهر السنة. فى الطبيعى أن المواطن طول اليوم يأكل أى حاجة وممكن يقوم (نص بطن) وفى العمل بينسى مطالبه، ولكن فى رمضان وقت الفطار الجميع يتجمع فى البيت فلا بد من لمة الأسرة. وغير ذلك من العادات المصرية لمة العيلة يوم أو يومين فى هذا الشهر الكريم وهذا مكلف. خاصة أن رئيس الوزراء شاهدناه على التلفاز يقول إنه لا زيادة للأسعار فى شهر رمضان وبعدها مباشرة تم رفع أسعار الوقود. بالتأكيد كان لا بد من استبدال زيادة أسعار السولار والبنزين بشكل آخر لا يؤثر على المواطن البسيط مثل زيادة رسوم التراخيص وتحديد الزيادة على نوعية وفئات السيارات وبهذا نكون حصلنا الدعم بشكل آخر من القادر دون المساس بالمواطن غير القادر. ولأن هذه الزيادة تسبب للمواطن البسيط أزمة يومية فى زيادة تعريفة المواصلات، يجب رفع الدعم تدريجياً على بعض السلع بعد أن يشعر المواطن بتحسن طفيف فى أحواله.
لقد تأثرت حينما قابلنى رب أسرة وكأنه يحمل هموم الدنيا على رأسه لأنه ذهب لشراء كرتونة البيض ووجدها زادت ستة جنيهات، وقال: «البيض باستخدمه فى إعطاء بروتين لأولادى بدل اللحمة اللى وصلت 80 جنيه حتى اللحمة المستوردة وصلت خمسين جنيه».. واستفاض فى الحديث عن سعر الخضار والفاكهة وأن المرتب لا يكفى أبناءه، «ولد وبنت فقط فنحن أسرة صغيرة استهلاكنا فى كل الأشياء على القد ومع ذلك المرتب لا يكفى أكثر من نصف الشهر».
ومع كل هذا لقد أثر كلام سيادة الرئيس فى المواطن لأنه كان صادقاً وكان يشعر أن التحديات كبيرة على الجميع وأننا لا بد أن نؤمن بأننا قادرون على التحدى وهذا الشعب العظيم. والآن ونحن فى ذكرى العاشر من رمضان وكيف أن الجيش المصرى تصدى لكل التحديات واستطاع أن يقهر الهزيمة بإيمانه وأثبت أنه قادر على النجاح ونحن لا ننسى الأوقات الصعبة التى عاشها الشعب المصرى بعد نكسه ٦٧ وكان الشعب وقتها يعانى من عجز شديد فى السلع الغذائية حتى الصابون كانت المرأة المصرية تتعلم كيف تصنعه وكيف صمد الشعب ليقهر الهزيمة وكيف لعب الفن دوراً عظيماً فى جمع الأموال للمجهود الحربى. لا ننسى دور السيدة أم كلثوم وهى تطوف كل البلدان العربية والأوروبية لتأتى بالأموال لصالح مصر وكان الإعلام يلعب دوراً قوياً فى تحفيز المواطن. ونحن الآن فى معركة لا تقل عن نكسة ٦٧ وهو النهوض بمصر إلى الأمام لكى نقضى على الدين وخدمته التى تلتهم موازنة الدولة.. لا بد أن نفكر ماذا نترك لأولادنا. وهل نترك لهم مستقبلاً مليئاً بالديون والجهل والتدهور وننعم بهذه الديون ولا نقدم جزءاً من التضحيات من أجل أجيال تنعم بالخير والتقدم، وهذه سنة الحياة: أجيال تجاهد وأجيال تنعم أو العكس.
لذلك دعوة الرئيس للتبرع ليست بدعة أو جديدة على هذا الشعب فلا بد أن نؤمن بأننا سوف نقدر على تغيير الوضع فى مدة قصيرة لتعود مصر التى نحلم بها جميعاً بجهود كل المصريين وثقتهم فى قيادة وطنية تحلم بمستقبل يليق بمصر والمصريين.
"الوطن"