بقلم عماد الدين أديب
قال لى الأستاذ الدكتور زكى نجيب محمود، أستاذ علم المنطق، والمفكر العظيم: إن أزمة العقل المتخلف فكرياً هى عدم فصل «الشخص» عن «الموضوع».
وضرب لى مثالاً بموقف بعض القراء من مقالات الأستاذ محمد حسنين هيكل، لأنهم على خلاف مع حركة الجيش فى عام 1952، لذلك يهاجمون كل ما كتبه الأستاذ هيكل، وقال إنه قرأ ذات المقال حرفياً على الهاتف لأحدهم لكنه ادعى بأن كاتبه هو الأستاذ مصطفى أمين، فأثنى عليه ثناءً كبيراً، وحينما كشف له عن الحقيقة عاد وهاجم المقال ذاته.
وهناك قصة أخرى تدلل على عدم الموضوعية والتحيز الفكرى الموجود عند بعض الناس؛ حينما قام بعض الشباب المسيحى فى هولندا الذين يقفون ضد الطائفية والعنصرية بعمل تجربة كاشفة ومثيرة.
قام هؤلاء الشباب باستقصاء رأى الناس فى الشارع حول بعض القواعد الدينية، وكانوا يقرأون من كتاب غلافه مكتوب عليه القرآن الكريم، وقام بعض المتعصبين بالتطاول على الإسلام والمسلمين. وفى نهاية الأمر كشف الشباب عن حقيقة الأمر، وقالوا لهم إن هذه النصوص من الإنجيل والتوراة وليست من القرآن، وإن كل ما فعلناه أننا وضعنا الغلاف الخارجى للكتاب معنوناً باسم القرآن.
من هنا تأتى أهمية فصل «الشخص» عن «الموضوع» وفصل «المصالح» عن «المبادئ» وفصل الانحيازات عن الحقائق.
ولعل أخطر ما واجهناه مؤخراً هو تلك المعادلة المخيفة التى تقول إن كل من يعادى الرئيس السيسى يرى أن تيران وصنافير مصريتان، وكل من يحب الرئيس السيسى اقتنع بأنهما سعوديتان.
فتلكن تيران وصنافير مكسيكيتين، ولكن بناء على الحق والحقيقة والمنطق والقانون الدولى، وليس بناء على الكيد والنفاق، أو بناء على الأهواء والمواقف الشخصية.
إن استمرار منطق «شخصنة» الأمور فى إدارة شئون بلادنا وحياتنا هو أقصر طريق إلى التفكك والهلاك السياسى والتشرذم المدمر.
انتبهوا فهذه الحالة فى استفحال، وهذا الفيروس يكاد يفتك بنا جميعاً.