عماد الدين أديب
فى الآونة الأخيرة ثار نقاش واسع وجدل عظيم حول قانون «الاستثمار الموحد»، وقيل فيه كلام كثير ما بين تفاؤل عظيم وشكوك كبرى فى جدواه.
والواضح الآن أن هناك اتجاهاً للعودة إلى العمل بقانون الاستثمار القديم وتأجيل أو دفن مسودة المشروع الجديد إلى غير رجعة.
والذى يعنينى بالدرجة الأولى بعيداً عن تسييس النقاش أو مسائل تصفية الخلافات الإدارية والبيروقراطية بين قوى قديمة وجديدة فى المجتمع، هو التوصل إلى بضع أوراق عملية وإجراءات مرنة سهلة تجذب أصحاب المال الجادين إلى الإقبال على الاستثمار فى الأسواق المصرية دون إشكاليات أو عقبات أو اضطرار إلى اللجوء لقنوات الفساد الإدارى من أجل «تخليص» الأمور و«تظبيط» المسائل.
وللأسف الشديد، فإن الإدارة المصرية تعانى، حتى الآن، من عقدة الخواجة، وتكره كراهية التحريم أى نظم أو قوانين أو إجراءات «مستوردة» من الخارج تحت أسخف دعوى فى التاريخ وهى دعوى «خصوصية التجربة المصرية» التى تستلزم أن تكون لنا قوانيننا وأنظمتنا الخاصة بنا وحدنا!
وكأن الاستثمار فى مصر له قواعد جوهرية تختلف عن أى اقتصاد فى العالم، وكأنه يتعين على كليات الاقتصاد فى العالم أن تدرس نوعين من الاقتصاد؛ أولهما مبادئ الاقتصاد العالمى التى تعمل بها كل الدول والمؤسسات فى العالم، والثانى قانون للاقتصاد المصرى الذى تنفرد به مصر دون سواها.
وفى العادة فإن الاقتصادات الناشئة قبل أن تبدأ فى إصدار أى قوانين أو تشريعات تطرح على نفسها السؤال الأهم والأعظم وهو: أى منهج من مناهج الاقتصاد المطبقة فى العالم سوف تختار؟ هل هو الاقتصاد الحر أم الاقتصاد الموجه أم الاقتصاد المختلط؟
وعقب الإجابة عن هذا الخيار الاستراتيجى تقوم بانتقاء نموذج تطبيقى حى لهذا الخيار.
هنا يصبح السؤال: هل نريد مثلاً أن تكون مصر هونج كونج أو ماليزيا؟ هل تريد مصر أن تكون دبى أم الصين؟ هل تريد مصر أن تكون اقتصاد خدمات أم اقتصاد إنتاج؟
إذا حسمنا هذا الأمر، تصبح مسألة القوانين والتشريعات مسألة شديدة السهولة والبساطة.
إذا حسمنا اختياراتنا، فإن «أسلوب النقل» للقوانين من النماذج الناجحة التى طبقتها هو حل عظيم إعمالاً بمبدأ لا شىء ينجح مثل النجاح!
فى حالة «دبى» اختارت الإمارة أن تحتذى بنموذج الاقتصاد السنغافورى، لذلك قام الشيخ محمد بن راشد بإيفاد مجموعة من الشباب المتميز إلى سنغافورة لمدة 4 سنوات قاموا خلالها باستيعاب النموذج السنغافورى بشكل كامل وعادوا وطبقوه تماماً.
هكذا نجحت دبى، وهكذا ينجح العالم!