كيف يمكن أن تبقى فى موقع، منصب، علاقة عمل، علاقة إنسانية، ووجودك فيها لا معنى له؟ كيف يمكن أن تستمر فى أى شىء دون أن تشكل أى قيمة مضافة أو أن تؤدى الحد الأدنى المطلوب منك؟ كيف تفعل أى شىء وهو لا يضيف لك أى سعادة أو متعة، بل يضيف لك كل يوم تعاسة واكتئاباً؟
يقول الشاعر المبدع محمود درويش فى إحدى قصائده المليئة بالحكمة والرؤية العميقة:
«إذا تساوى غيابك مع حضورك فليس أمامك سوى أن ترحل فوراً».
ارحل فوراً إذا كنت لا تضيف شيئاً.
ارحل فوراً فليس المهم أن تبقى ولكن أن يكون لبقائك معنى وإضافة.
ارحل فوراً لأن قيمة الحياة ليست فى «التواجد» ولكن فى «الوجود».
ارحل فوراً لأن وجودك بلا معنى سوف يجعل عطاءك الوحيد هو السلبية لأنك غير مقتنع وغير راضٍ عما تفعل.
بقاؤك فى موقع أو علاقة أو منصب لا تستحقه هو احتلال لمكان ومكانة شخص آخر يستحقه أكثر منك.
بعض الناس يتحججون بحجة أنه «ليس لى خيار أفضل أو خيار آخر».
من العار أن تعانى دون أن تتألم.
ومن العار أن تتألم دون أن تصرخ.
ومن العار أن تصرخ دون أن تكون موضوعياً.
ومن العار أن تكون موضوعياً دون أن تحدد مسئوليتك عما يحدث وتلقى بالمسئولية كاملة على غيرك.
من العار أن تشعر أنك غير قادر على العطاء الإنسانى أو المهنى وتستمر فى احتلال مكان غيرك الذى قد يكون أفضل منك وأكثر جدارة فى أن يعمل ويخلق ويبدع ويسعد من حوله.
حينما يشعر من حولك بأن وجودك مثل غيابك فلا معنى للاستمرار.
وحينما يشعر من حولك أن وجودك أسوأ من غيابك فلا معنى لاستمرارك فى مكانك.
وحينما يشعر من حولك أن غيابك أفضل من وجودك فهذا حرام.
أحياناً تشعر بأن الحياة صعبة، وأن مجرد التنفس مشروع مستحيل، وأن الدنيا ضاقت بك، تذكّر أن أرض الله واسعة، وأن الفرص أكثر من اللافرص، وأن الخيارات أكثر مما تتخيل.
ولنا فى سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام الأسوة والقدوة حينما أوذى فى مكة وضاقت به السبل هو وأنصاره، أذن له سبحانه وتعالى بالهجرة إلى المدينة (يثرب)، واستمر فى هجرته 26 يوماً مطارداً ملاحقاً من الكفار.
أسهل شىء أن يقوم الإنسان بعمل «غسيل مخ ذاتى» ويسوّق لنفسه فكرة أنه الضحية الكاملة للظروف أو للمحيطين به.
التفكير الإيجابى هو الطريق للخروج من حالة الاستسلام لحالة الضحية الكاملة، وصدق من قال: «عليك أن تحب ما تفعل حتى يتساوى حضورك مع غيابك».
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع