كشفت مسألة انتشار فيروس كورونا فى العالم كله مسألتين:
الأولى: هشاشة إدارة الأزمات على مستوى العالم.
الثانية: ضعف قدرات النظام الصحى العالمى فى القدرة، والتمويل، والإمكانيات.
وفى عالم ما بعد «كورونا» سوف تسقط رؤوس، وسوف تتغير إدارات، وسوف تسقط أحزاب، وسوف يعاد النظر كلياً فى النظام الصحى العالمى.
وفى علوم الإدارة هناك علم إدارة الأزمات، وبداخل هذا العلم هناك تخصص نوعى هو علم إدارة أزمات الكوارث الطبيعية.
ويكفى أن نعرف أن أكثر من 40٪ من أزمات العالم فى العقود الأخيرة ترجع إلى الكوارث الطبيعية مثل السيول بالدرجة الأولى، ثم الحرائق، ثم الأوبئة والفيروسات، وتليها الأزمات الناشئة عن انقطاع المياه أو الكهرباء، وأخيراً انقطاع وسائل التواصل مثل الهواتف والإنترنت.
وتعريف إدارة الأزمات هو «وجود تهديد قد يلحق الأذى بالدولة أو الأشخاص أو الممتلكات أو قد يؤدى إلى تعطيل سير العمل أو انتظام الحياة الطبيعية لمجتمع أو هيئة أو شركة».
وتحتاج عملية إدارة الأزمات إلى خطة تصبح هى المرجعية، تتضمن المبادئ، وقواعد الحركة، وهيكل المسئوليات، وكافة المعلومات الأساسية التى يتم تدعيمها أولاً بأول بآخر التفاصيل.
وفى حال إدارة الكوارث فإن أهم هدفين هما: السيطرة عليها، وتخفيف الأضرار إلى أدنى حد ممكن.
وأهم مبدأ فى إدارة الأزمة هو قدرة جهاز ونظام هذه الإدارة على تجنب الأزمة، أى إن أعظم ما فى علم إدارة الأزمات هو منعها إن أمكن أو القدرة على التنبؤ بها مبكراً -إن أمكن- واتخاذ التدابير والمعلومات والوسائل وتدبير الموارد البشرية والإمكانيات اللازمة للتعامل معها.
وفى حال الكوارث الطبيعية، فإن عنصر التنبؤ المبكر يكون من خلال مراكز أبحاث الأرصاد التى يمكن أن ترصد الأعاصير والسيول والزلازل بشكل مسبق بحيث يمكن الاستعداد لها والتعامل معها.
وفى حالة أزمات الكوارث الطبيعية، فإن الحالة تتحول أحياناً إلى إدارة الأضرار، بمعنى أن «قوة أضرار الطبيعة تكون مدمرة وكاسحة للبلاد والممتلكات والبشر، بقدر يصعب تجنبه»، ويصبح المتاح الوحيد لدى جهات إدارة الأزمة هو تخفيف الأضرار بأكثر الوسائل سرعة وكفاءة وإنسانية.
وما يشهده العالم الآن هو مثلث مخيف من الأزمات:
1- انتشار وفاء فيروسى غير معروف إمكانية التعامل معه، سريع الانتشار، لا مصل ولا لقاح له.
2- سوء أحوال الطقس واضطراب مخيف فى المناخ يشمل عواصف وسيولاً وطقساً مخيفاً وفوق القدرة على التحمل.
3- ذعر نفسى، ارتباك إعلامى، إجراءات صارمة غير مسبوقة تخلق جواً من كابوس مالى اقتصادى مع تأثيرات سلبية على أسواق العالم واقتصاداته وأحوال البسطاء.
فى تلك الظروف تُختبر الحكومات والإدارة المحلية ونفسيات المجتمع والمسئولية الاجتماعية ومقدار التكافل الإنسانى.
فى هذا المجال نقول إن أسوأ ما يمكن أن يفعله أى إنسان فى هذا العالم الصعب هو المشاركة فى جريمة ممارسة التشكيك السلبى فى كل شىء، واتباع أسلوب نظرية إشاعة اليأس والسلبية والكآبة فى نفوس المجتمع، فى الوقت الذى نحتاج فيه، فى ظل هذه الأزمة، إلى تعميق الإيمان بالله والوطن وتقديم أى جهد إيجابى للخروج من النفق المظلم لهذا الابتلاء العظيم الذى تواجهه البشرية، خاصة أن ضحايا الإنفلونزا على مر التاريخ أكثر من ضحايا الكورونا، وضحايا السيول هم ضحايا قسوة الطبيعة.
من العار أن يُسخر بعض الناس جهودهم على وسائل التواصل الاجتماعى إلى تعميق اليأس والخوف والذعر، بدلاً من المساهمة فى غرس شمعة ضياء فى هذا الزمن الصعب.
كفى سوداوية، وعدمية، وتصدير كآبة!
«ارحموا من على النت يرحمكم من فى السماء».