توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أردوغان»: «خاسر استراتيجياً» لا محالة!

  مصر اليوم -

«أردوغان» «خاسر استراتيجياً» لا محالة

بقلم: عماد الدين أديب

خطأ «أردوغان» الجوهرى أنه لم يتعلم من التاريخ ولا يفهم الواقع.

يرى الرجل أنه يستطيع صناعة التاريخ على «قياس رغباته وطموحاته» بصرف النظر عن إدراك حقائق الواقع والعناصر الفعلية المؤثرة فيه.

يعيش الرجل عالماً افتراضياً، يفترض فيه أن مجد العثمانيين سوف يعاد مرة أخرى على يديه، وأنه قادر بالقوة المسلحة، والاشتباك السياسى، والقرصنة البحرية، والتآمر على شئون الدول، وبالضغوط الاقتصادية أن يعيد تبعية 29 ولاية لـ«تركيا القوية»!

لا تركيا هى تركيا، ولا العالم هو العالم، ولا أنقرة هى الأستانة الجديدة، ولا الولايات ما زالت مستضعفة وتابعة.

ظهرت قوى جديدة، وأصبح هناك مفهوم جديد لعناصر القوة فى العالم، وأصبح هناك قانون دولى، وتوازنات دولية، ودول خمس كبار، وقوى نووية.

وأصبحت التكنولوجيا والاتصالات والبحث العلمى هى مثلث الفاعلية فى التأثير على العالم.

لم يعد مسموحاً بوجود قرصان بحرى يعبث بثروات الغير فى شئون الطاقة.

لم يعد مسموحاً أن تكون إرادة عضو واحد فى منظمة مثل حلف الأطلنطى قادرة على أن ترغم وتسيطر على بقية الأعضاء.

لم يعد مسموحاً لدولة لديها صفة المراقب فى الاتحاد الأوروبى أن تفرض عضويتها الكاملة فى الاتحاد عن طريق الإرغام والابتزاز السياسى.

لم يعد ممكناً لدولة ليست من الخمس الكبار، ودائمى العضوية فى مجلس الأمن، من أعضاء النادى النووى، أن تتوسع عسكرياً فى سوريا، والعراق، وليبيا، وتبنى قواعد فى مدغشقر، والصومال، وجيبوتى وقطر.

لم يعد ممكناً أن يفرض حاكم صهره على شئون المال العام، والاستثمارات الخارجية، وزعامة الحزب و«السمسرة» من كل شىء وأى شىء بلا حسيب ولا رقيب، دون شفافية، ودون حوكمة!

اسمعوا كلام أحمد داوود أوغلو أمس الأول حينما قال: «لا يمكن أن تكون تركيا أسيرة حكم رجل واحد، وتخدم مصالح فاسدة لأسرة بعينها»!

نصّب أردوغان، رغم أنه رئيس للجمهورية، من نفسه سلطاناً عثمانياً يأمر فيطاع، يقرر الغزو للغير، يسعى لتغيير جغرافية المنطقة، يسعى لاقتطاع أراضى سوريا، العراق، بلغاريا، والاستيلاء على الحدود والثروات البحرية لليونان وقبرص وسوريا ولبنان وليبيا.

هذا الخروج عن أى قانون محلى أو دولى، وهذا الانفلات فى السلوك السياسى، وهذا الجنون فى العلاقات بين الدول، وهذه القرصنة البحرية، وهذا الاستخدام المقيت للدين، وهذا الشحن المذهبى، وهذه الكراهية للآخر المختلف معه، وهذا الفساد السياسى العلنى الذى لا يستحى من المحاسبة أو العقاب.. لا يمكن له أن يستمر.

ما يفعله أردوغان، ضد الدين، وضد الأخلاق، وضد القانون التركى، وضد القانون الدولى، وضد الاتفاقيات الدولية المنظمة للعلاقات بين الدول وترسيم الحدود البرية، وضد معاهدة الحدود البحرية.

ما يفعله أردوغان حالة شاذة تستغل ضعف الإقليم، والشروخ فى الاتحاد الأوروبى، وانشغال دول حلف الأطلنطى بأنفسها، واضطراب النظام الدولى.

الخطر الأكبر الذى يهدد أردوغان الآن ليس نفاد الصبر الدولى منه، ولكن انهيار قبضته الحديدية داخل بلده تركيا.

انكشف أردوغان سياسياً أمام شعبه، وظهر ذلك فى الانتخابات البلدية الأخيرة التى فقد فيها حزبه لأول مرة الفوز بمقاعد أهم ثلاث مدن: أنقرة، إسطنبول، أزمير.

انكشف أردوغان، صاحب الحلم الاقتصادى الكبير حينما فقدت العملة الوطنية أكثر من ثلثى قيمتها، وتعدى سعر الصرف أكثر من 7 ليرات للدولار الواحد.

من الممكن أن تحترم أردوغان لو كان لديه منطق متسق ومبادئ أساسية، لكنه يلعب بـ«الشعارات على مستوى التصريحات ويفرغها من مضمونها تماماً حينما يناقضها كلياً على مستوى التطبيق».

يتحدث عن علمانية الدولة التركية التى أسسها كمال أتاتورك، ثم يصرح نجله «بلال» بالتطاول على بطل تركيا التاريخى.

يتحدث عن فلسطين وأخطاء وخطايا إسرائيل وبلاده فى عهده أكبر متعامل فى التصنيع العسكرى معها، ولدى تركيا أكبر خط طائرات سياحى منتظم يبلغ 300 رحلة شهرياً مع إسرائيل.

يهاجم بيريز فى العلن ويعتذر له بشدة فى السر.

يعادى مصر بسبب أحداث ميدان رابعة ويتعاون مع «بوتين» و«روحانى» أكبر داعمين لنظام بشار الأسد.

يتحدث عن الاستبداد فى العالم العربى، وبلاده يتم تصنيفها من منظمات حقوق الإنسان العالمية بأنها صاحبة أكبر عدد من المعتقلين، وأكثر مَن سجن الإعلاميين، وأكثر مَن أبعد القضاة والحقوقيين والمعارضين السياسيين.

يتحدث عن الديمقراطية، ويطالب بها، لكنه لا يعترض على هذه الحقوق التى تُنتهك فى روسيا، وقطر، وإيران، والصومال، وإثيوبيا، والسودان فى عهد البشير.

«الصواب والحلال والحرية والإسلام» يصنفها هو شخصياً دون الرجوع لأى مرجعيات أخرى. هو الدولة، وهو الخليفة المنتظر، وهو الصواب المطلق، وغيره عكس ذلك تماماً.

انكشف أردوغان أمام جمهوره الإسلامى، بعدما ثبت أنه «إخوانى» أكثر منه «إسلامياً».

انكشف أردوغان «الطاهر البرىء» حينما ظهرت ملفات فساد أسرته وأصدقائه فى سمسرات المقاولات، والسلاح، ونقل المرتزقة والعلاقات المشبوهة مع قطر، وأموال وودائع المصرف المركزى الليبى.

انكشف أردوغان حينما تحداه داوود أوغلو أن ينفى أنه اعتذر لـ«شيمون بيريز» من على هاتف أوغلو الشخصى على «مسرحية الخروج غضاباً» من على منصة مؤتمر دافوس، اعتراضاً على إسرائيل.

فى الجلسة لعب دور البطل العلنى، وفى المساء لعب دور العميل السرى.

نحن نتعامل مع ردود فعل رجل يعيش بعُقد نفسية، يعانى من خلل فى الإدراك السياسى، يقوم بمحاصصة الفساد مع عائلته والمقربين منه ويسطو على ثروات الشعوب، ويسعى لتغيير خارطة الدول المستقرة بالقوة المسلحة.

نحن أمام فتوة أو «قبضاى»، «متطرف دينياً»، «فاقد للحكمة»، «منفلت سياسياً».

علمنا التاريخ، وهو خير معلم، أن مثل هؤلاء ينتهون نهايات تراجيدية عاجلاً أو آجلاً.

تذكروا: هتلر، موسولينى، صدام، القذافى، بينوشيه، ببادوك، على عبدالله صالح، شارون، البغدادى، بن لادن، سليمانى، وبقية قائمة أشباه هؤلاء آتية لا ريب فيها.

«إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ»

صدق الله العظيم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أردوغان» «خاسر استراتيجياً» لا محالة «أردوغان» «خاسر استراتيجياً» لا محالة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon