توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المأزق لمن: المحكمة أم لحزب الله؟

  مصر اليوم -

المأزق لمن المحكمة أم لحزب الله

بقلم: عماد الدين أديب

فى محكمة الحريرى، كما فى كل المحاكم التى تطبق نص وروح القانون، «الحكم هو عنوان الحقيقة».

والقاضى العادل، أى قاضٍ يحترم الضمير ويخاف الله ويطبق النصوص، يقضى فى أحكامه بناءً على الأوراق والمستندات والأدلة التى وفرها طرفا المحاكمة، أى الادعاء والدفاع.

فى قضية الحريرى، لم يستطع الادعاء توفير أدلة دامغة لا يرقى إليها الشك لدى هيئة المحكمة الدولية.

والسبب يعود إلى الآتى:

1 - أن تشكيل المحكمة وبدء عملها بناءً على قرار مجلس الأمن الدولى جاء بعد شهور طويلة من انقضاء حادث الاغتيال.

2 - أن القضاء المحلى اللبنانى لم يُقدم من الملفات والوقائع والأدلة الجنائية الأساسية ما يمكن أن يخدم الادعاء.

3 - أن مسرح الجريمة، أى مكان التفجير، أمام فندق السان جورج الشهير أمام ساحل منطقة الزيتونة بكورنيش بيروت، قد تم العبث به، ولم يتم القيام بالإجراءات الاعتيادية المتعارف عليها فى مثل هذه الأحداث من تحويلها لمنطقة محظورة تحت حراسة مشددة، لحين قيام فرق البحث الجنائى بعملها المحترف.

4 - أن هيئة المحكمة لم تتمكن من استجواب أى من المتهمين الأربعة بسبب اختفائهم المريب عقب الحادث.

5 - أن 150 شاهداً من ضمن 279 شاهداً قدموا إفاداتهم كتابة، لأنهم كانوا يخشون على حياتهم من مخاطر تقديم شهاداتهم حول الحادث.

6 - أن المحكمة فى صميم عملها حاولت تجنب التفسير أو التحليل السياسى رغم أن الجريمة ذات دوافع سياسية بامتياز، وحدّدت فقط ما يمكن تسميته «البيئة السياسية المحيطة» التى مهدت لعملية الاغتيال.

7 - أن المحكمة التزمت حرفياً بقواعد صحيح القانون الأوروبى المعمول به والذى يعتمد على أن الحكم يجب أن يُبنى على معطيات حددها القانون تفصيلاً، لذلك استندت المحكمة -فقط- على الأدلة الظرفية، لأنه لم تتوافر لها أدلة مباشرة دامغة يمكن «أن تطمئن إليها بشكل لا يرقى إليه الشك».

8 - أن المتهمين الثلاثة الذين برأتهم المحكمة فى حكمها الأخير كان الحكم مبنياً على عدم كفاية الأدلة التى يمكن أن تدينهم. والمطّلع على تفاصيل الوقائع سوف يكتشف أن كل ذلك يشير إلى ضلوع المتهمين الكامل فى تنظيم إرهابى يسعى لتنفيذ عملية اغتيال، ولكن لم يوفر الادعاء للمحكمة دليلاً مباشراً يوضح دور كل منهم فى الجرم المشهود واكتفى باللجوء إلى أدلة ظرفية.

9 - أن المحكمة أعطت مهلة لكل من الادعاء والدفاع لتقديم مذكرات حول الحكم الصادر الذى يمكن اعتباره حكماً ابتدائياً غير نهائى.

القضية الآن أصبحت مأزقاً سياسياً لحزب الله الذى ظل لمدة 13 عاماً يشكك فى أغراض ونوايا وتوجّهات هذه المحكمة، وكان يقول إنه غير معنى بأى حكم يصدر عنها لأنها -حسب وصف الحزب- ذات أحكام مُسيسة معدّة سلفاً تسعى لإدانة حزب الله.

الآن يصعب على الحزب أن يصف الأحكام الصادرة بتبرئة ثلاثة من المتهمين وإدانة متهم واحد، بأنها مُسيسة أو غير عادلة.

هنا سوف يؤدى ذلك إلى معضلة لدى الحزب فى التعامل مع هذه الأحكام! كيف؟

لأنه بنفس المنهج الذى قَبِل به الحزب براءة 3 من أعضائه، عليه أيضاً، وحكماً، ومنطقياً، أن يقبل الحكم ذاته الصادر بإدانة المتهم الرابع.

هنا سوف يجد الحزب نفسه أمام 3 احتمالات:

1 - رفض كافة أحكام المحكمة، وهو غير منطقى تجاه الأحكام التى برأت ثلاثة من أعضاء الحزب.

2 - التعاون مع المحكمة وتسليم المتهم سليم عياش المدان بخمسة اتهامات، وبالتالى قد يضع ذلك قيادة الحزب السياسية فى حالة «حرج شديد» مع القيادات الأمنية الحزبية، مما قد يؤدى إلى انشقاقات ليست عادية فى الشرائح الوسطى من الحزب.

3 - الاحتمال الثالث أن يستمر اختفاء أو إخفاء سليم عياش إلى الأبد، وتذهب معه الحقيقة إلى الأبد.

من ناحية أخرى، تطرح مسألة ثبوت عدم تسييس المحكمة الدولية للأحكام، خطورة تطبيق نموذج اللجوء للتحقيق الدولى فى مسألة التفجير المروع فى مرفأ بيروت.

لقد تعامل سعد الحريرى (ابن الشهيد) مع أحكام المحكمة بمنطق وأسلوب القبول الكامل بالأحكام، وهى بادرة إيجابية لرجل يفهم ضرورة الانصياع لسلطة القانون، وهذا أيضاً موقف سياسى يحقن الدماء، ويمنع أى احتقان طائفى فى شوارع لبنان.

تصوروا لو خرج سعد الحريرى، وطالب أنصاره -بوصفه زعيماً سياسياً سنياً وزعيماً معارضاً، والأهم «ولىّ الدم» فى قضية اغتيال والده- بالاعتراض على أحكام المحكمة؟

فى المقابل المطلوب الآن من السيد حسن نصر الله أن يتعامل بنفس الروح والمنهج، ويتعاون مع المحكمة ويجيب عن السؤال: هل سيتم تسليم المتهم الوحيد المدان بقتل رفيق الحريرى حتى يعرف العالم من الذى أصدر القرار الأعلى بتصفية رفيق الحريرى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المأزق لمن المحكمة أم لحزب الله المأزق لمن المحكمة أم لحزب الله



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon