توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تاريخ العرب: «تاريخ الفرص الضائعة»!

  مصر اليوم -

تاريخ العرب «تاريخ الفرص الضائعة»

بقلم: عماد الدين أديب

منطقياً، وعقلياً، وسياسياً، يجب أن تشعر أى قوة فلسطينية بالراحة النفسية والاطمئنان حينما يتم إيقاف أو تجميد أى مشروع استيطانى تقدم عليه حكومة الاحتلال الإسرائيلى.

وحينما تقوم دولة عربية أو إقليمية أو دولية بالجهد الأساسى لإيقاف هذا الضم الاستيطانى الشرير، يجب أن تكون موضع تقدير، ويكون قرارها موضع ترحيب ودعم.

وحينما تكون لدولة عربية شقيقة «مكانة سياسية» أو «قوة تأثير اقتصادية» أو طبيعة «علاقات شخصية» مع القوى المؤثرة فى مفاوضات السلام مع إسرائيل، ينبغى -منطقياً- أن تسعى أى سلطة سياسية فلسطينية إلى الاستفادة من هذه القوى المؤثرة والبناء السياسى عليها.

دولة الإمارات نجحت بعمل اختراق سياسى مع إسرائيل بضمانة أمريكية، وهو أمر يمكن استثماره والبناء عليه فلسطينياً.

هنا يصبح الرفض الفلسطينى من «حماس» إلى الجهاد الإسلامى، ومن «فتح» إلى السلطة عملاً شديد الضرر، ليس للأطراف الثلاثة (الإمارات، إسرائيل، الولايات المتحدة)، ولكن الضرر سيكون لمصالح الشعب الفلسطينى الصبور الذى ما زال يعانى من قسوة الاحتلال الإسرائيلى لسببين:

الأول: طبيعة المشروع الاستيطانى الإسرائيلى.           

الثانى: الاتفاق السياسى لدى صانع القرار الفلسطينى على تضييع الفرص التاريخية للتفاوض الشجاع والتوصل إلى تسوية.

التسوية بالمفهوم التفاوضى لا تعنى أن يحصل طرف على كل شىء وألا يحصل الطرف الثانى على شىء، لكنها مسألة معقدة تخضع لأمرين:

- حجم القوة والتأثير الداخلى والتحالفات الإقليمية والدولية لكل طرف مما يشكل الثقل النسبى له فى أى ملف تفاوضى.

- مهارة وحرفية الفريق التفاوضى الموكل إليه الملف.

هنا يتوقف ذلك كله ولا يصبح له معنى حينما نرفض قرار التقسيم ونرفض مبادرة روجرز للسلام ونتهم عبدالناصر بالخيانة، وحينما نرفض الحضور فى مؤتمر مينا هاوس، وحينما نرفض الشق الفلسطينى الخاص بالحكم الذاتى فى اتفاقية كامب ديفيد.

والآن يتكرر التاريخ، ونرفض النجاح الإماراتى فى إقناع الإسرائيلى بإيقاف الضم فى الضفة وغور الأردن بضمانة أمريكية.

هنا أسأل سؤالاً افتراضياً، من قبيل الجدل: هل إذا رفضت شيئاً فأنا -منطقياً- أوافق على عكسه؟

بمعنى إذا رفضت قرار إيقاف الضم، فهل أنا بالتالى مع استمرار الضم؟

وهنا نسأل: ماذا إذا استيقظ الشيخ محمد بن زايد صباح غد وأعلن: حيث إن السلطة الفلسطينية وكافة فصائلها ترفض قرار إيقاف الضم، فنحن سوف نوقف هذا الاتفاق التعاقدى، ولإسرائيل الحرية الكاملة فى أن تفعل ما تريد!؟

إننى أقول لمن تبقى من عقلاء صناعة القرار الفلسطينى: إن فلسطين التاريخية التى نعرفها من البحر إلى النهر لا يمكن لها أن تعود كاملة فى ظل وضع فلسطينى ضعيف وهش ومنقسم على ذاته مناطقياً (أهل غزة، وأهل الضفة)، وتاريخياً (أهل الاحتلال، وأهل العائدين)، وسياسياً (فتح، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، حماس، الجهاد الإسلامى، حزب الشعب)، وفكرياً (مشروع مدنى، ومشروع دينى).

كل هذه القوى لن تنفعها أبداً قطر أو إيران أو تركيا، لأنها لم تسعَ يوماً لتوحيدها، ولكن لتعميق انقسامها لأغراض شريرة!

أى اتفاق، أو أى مفاوضات تصبح عديمة المعنى، فاقدة القوة، إذا لم تكن واعية ومتفهمة لطبيعة معادلات القوى الحالية وحقيقة توجهات المستقبل.

عالم 1947 اختلف عن عالم ما بعد يونيو 1967، عن عالم ما بعد 6 أكتوبر 1973، عن عالم خروج المقاومة من بيروت، عن عالم ما بعد اتفاق أوسلو، عن عالم ما بعد اغتيال رابين، عن عالم ما بعد وفاة ياسر عرفات مسموماً، عن عالم ما بعد الربيع العربى، عن عالم ما بعد الاحتلالات الإيرانية والتركية والروسية للمنطقة.

من هنا تصبح قواعد المبادرة العربية للسلام التى مر عليها 6570 يوماً الآن بحاجة إلى قوة دفع جديدة، وعملية اختراق سياسى لتحريكها من الجمود ومنعها من الوفاة الإكلينيكية!

هذا يحدث وهناك تعدد فى الولاءات الإقليمية والدولية ما بين (قطر، السعودية، الإمارات، مصر، الأردن، سوريا، العراق، روسيا).

كل شىء فى فلسطين مقسم ومجزأ إلى قطع متناهية الصغر، الأرض، الامتداد الجغرافى، الاقتصاد، الأحزاب، الأفكار، الولاءات، والتحالفات.

كل تيار منقسم على ذاته، بمعنى أن كل فريق فيه صراع فرقاء تتنازعهم الرغبة اللامحدودة فى الانفراد بالقيادة والسلطة وحسم القرار.

لو كنت من صنّاع القرار الفلسطينى لتوقفت عن الشتائم والسب والقذف والتهديد بالعقاب وسحب السفراء والتشكيك فى النوايا والاتهام بالعمالة! عيب!

لو كنت من صنّاع القرار الفلسطينى لشكّلت وفداً من الفصائل بقيادة الرئيس الفلسطينى وسافرت إلى أبوظبى واجتمعت بالشيخ محمد بن زايد، واستمعت للشيخ عبدالله بن زايد، ولناقشت الدكتور أنور قرقاش تفصيلياً للإجابة عن 3 تساؤلات جوهرية:

1 - ما الذى تم الاتفاق عليه بالضبط؟

2 - ما الضمانات الملزمة للطرف الإسرائيلى بإيقاف الاستيطان؟

3 - كيف يمكن أن يخدم هذا الاتفاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المجمدة؟ وكيف يمكن لدولة الإمارات أن تستثمر هذا الاتفاق لصالح دفع المفاوض الفلسطينى إلى تحقيق منافع ومكاسب تؤدى به إلى مشروع الدولتين لتحقيق دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

العنتريات، والمكاسب الشعبوية الداخلية تدفع ثمنها -فى النهاية- الشعوب من مالها، وأرضها، وسيادتها، ودمائها.

تلك هى المسألة، وتلك هى كارثتنا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ العرب «تاريخ الفرص الضائعة» تاريخ العرب «تاريخ الفرص الضائعة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon