توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يفهم شباب الجزائر حدود القوة؟

  مصر اليوم -

هل يفهم شباب الجزائر حدود القوة

بقلم : عماد الدين أديب

أزمة المتظاهرين فى العالم العربى تتركز فى 3 أمور:

1 - أنهم لا يعرفون بالضبط وبالتحديد، ما هى مطالبهم؟

2 - أنهم بلا قيادة مفوضة تتحدث، وتحاور، وتفاوض نيابة عنهم.

3 - أنهم لا يعرفون -واقعياً- ما هى حدود قوتهم؟ وما هى قواعد المعادلة السياسية؟ وما هى الخطوط الفاصلة فى «الممكن» و«المستحيل».

هذا كله ينطبق عليهم إذا كانوا متظاهرين، سلميين، وطنيين، ليست لهم قوة شريرة محرضة لهم من الداخل أو الخارج.

ويتحدث «جين شارب» مُنظّر فكر الثورات الشعبية السلمية، والمحرض الرئيسى على عمل برنامج عملى لإسقاط الأنظمة عبر الشارع، ويدعو أنصاره: «كلما استجابت السلطة لمطالب الجماهير، قم برفع سقف المطالب إلى أعلى وقدم مطالب جديدة واستمر فى ذلك حتى يسقط النظام كله».

هذا الفكر القائم على مبدأ أن كل سلطة شريرة، والسلطة الجيدة هى التى يسقطها الجماهير، هو فكر خطر وعدمى ويقوم على «الإسقاط» و«الهدم» دون أن تكون له رؤية بناء، وبرنامج عملى وممكن للإصلاح.

وحتى لا يفهمنى القارئ بشكل خاطئ، فهذا لا يعنى أنه ليس من حق الجماهير أن تعترض، وأن تمارس حقها الشرعى فى الاحتجاج، وأن تتظاهر بشكل سلمى، وأن تعرض مطالبها المشروعة تحت ظل قواعد القانون والنظام العام دون تخريب أو فوضى أو أفكار شريرة.

والمتأمل لحالات الاحتجاج فى العالم العربى من تونس إلى مصر، ومن ليبيا إلى سوريا، ومن اليمن إلى السودان، ومن البحرين إلى الجزائر يجد أنها فى معظم الأحيان وقعت فى محظور عدم وجود رؤية، بلا مطالب محددة، عدم فهم لحدود القوة، وعدم وجود قيادة واعية تمثلهم وتتفاوض عنهم.

وهذا لا يعنى أن حركة الشارع العربى أقل وعياً عن مثيلاتها فى العالم المتقدم، فها هى حركة «القمصان الصفراء» فى فرنسا ما زالت تحتج وتتظاهر دون تفاوض، ودون ضوابط، ووصلت فى حركة احتجاجها إلى النهب والسلب والتدمير وانفلات الأمور.

حركة «القمصان الصفراء» رغم مرور أكثر من 3 أشهر على قيامها، لم تتقدم خطوة واحدة فى إحراز أى تطور على ساحة المطالب، لم تنجز سوى «تجميد أو إبطال إجراءات الحكومة»، دون النجاح فى التوصل إلى صيغة عملية مشتركة تحقق مصالح الطرفين.

أزمة هذه الحركات الشعبوية التى تجتاح العالم أنها تعتمد على منطق عدمى مستحيل التحقق، وهو: «أن نحصل على كل شىء أو ندمر كل شىء».

هذا المنهج العدمى، الإسقاطى، لا يبنى، ولكن يهدم، لا يؤدى للإصلاح، لكن للتدهور، لا يؤدى إلى المشاركة فى الحل، لكن إلى الاستقطاب فى المواجهات اللفظية والدموية مع كل أشكال السلطة.

وكما نقول للسلطة -أى سلطة- الشعب ليس عدوك، نقول للشعب -أى شعب- السلطة ليست عدوك والحكمة وحدها هى تجعل العقلاء من الجانبين يبحثون عما يجمع ويقرب المسافات والمصالح والرؤى.

وما نشاهده مؤخراً فى الجزائر الحبيبة، ينذر بأن تدفع الحالة الشعبوية للشباب الجزائرى النبيل إلى تجاوز سقف الممكن والمتاح، إلى مواجهة تؤدى إلى تفجير أى مشروع سياسى للحل.

نجح الشباب من خلال الشارع فى 4 أمور:

1 - طرح قضية شكل السلطة.

2 - سحب الرئيس بوتفليقة لنفسه من الترشح لفترة خامسة.

3 - استقالة الرئيس قبل مدته.

4 - إعلان الجيش، بما لا يدع مجالاً للشك، دعمه الكامل والمطلق لمطالب الجماهير.

هذه قائمة إنجازات تاريخية للشارع الجزائرى، يتعين على الشباب أن يحافظوا عليها بوعى وذكاء، وأن يعلموا أنه ليس من الممكن إنجاز كل شىء وأى شىء دفعة واحدة، تحت منطق كل شىء الآن، أو لا شىء أبداً.

احتفظوا بالجيش معكم، ولا تخسروه، ولا تصلوا إلى مرحلة يصبح فيها أمن البلاد كله فى خطر، مما يستدعى تجميد أى مشروع سياسى إصلاحى.

«حدود القوة» وفهمها هى ما جعلت زعماء وشعوباً تنتصر، وجعلت غيرهم ينزفون دماً لقرون طويلة.

وليحفظ الله الجزائر من كل سوء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يفهم شباب الجزائر حدود القوة هل يفهم شباب الجزائر حدود القوة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon