بقلم : عماد الدين أديب
وصلت حالة التدهور فى إدارة شئون البيت الأبيض الأمريكى فى عهد ترامب إلى قيامه بإقالة كبير موظفى البيت الأبيض، وذلك عقب استقالة المتحدث الصحفى، احتجاجاً على عبث «ترامب» بسلطاته.
فى أقل من 220 يوماً تبحر سفينة رئاسة ترامب كل يوم فى عواصف عاتية، وتتعرض لمخاطر شديدة تكاد تعصف بالرئيس وفريقه والحزب الجمهورى الحاكم ومجموع الأصوات الشعبية وجماعات المصالح التى راهنت على دونالد ترامب.
والسؤال الذى يطرح نفسه فى أروقة واشنطن، وفى مراكز المال فى نيويورك وشيكاغو هو: ما حقيقة مشكلة إدارة دونالد ترامب مع كبار الموظفين التى تطيح كل أسبوع تقريباً بواحد منهم؟
الإجابة المباشرة والمزعجة والصريحة هى أن مشكلة هذه الإدارة هى شخص دونالد ترامب نفسه.
هنا يبرز السؤال: كيف يمكن أن يكون هو الخطر الأكبر على نفسه وعلى إدارته؟
الإجابة يمكن تلخيصها على النحو التالى:
أولاً: طبيعة شخصية ترامب الانفعالية العصبية غير المنطقية تجعله يصطدم بشكل دائم مع أقرب الناس إليه.
ثانياً: اقتصار خبرة ترامب على القطاع الخاص وعمله الدائم كمالك لشركة مالية يديرها بشكل مطلق، يختلف تماماً عن رئاسة فريق من خمسة آلاف موظف عام فى مجتمع مفتوح وتحت سمع وبصر وتنسيق وسائل الإعلام التى تعاديه منذ اليوم الأول لترشحه.
ثالثاً: إن الرجل لا يملك استراتيجية واضحة للملفات الداخلية والخارجية التى يتعامل معها، والأسوأ من ذلك أنه يرفض أن يلتزم بأفكار وسياسات فريق مساعديه، لذلك يصطدم مع الخارجية، والعدل، والاستخبارات والمباحث الفيدرالية ومستشاريه الإعلاميين.
رابعاً: إن الرئيس ترامب يصر على استمرار لعب دور «المغرد ترامب على تويتر» بشكل انفعالى، يصيب فريق مساعديه بالإحراج والإحباط، لأنه يتناقض تماماً مع السياسات المعلنة والمعتمدة للإدارة.
خامساً، وهذا هو الأخطر: إن ترامب يلعب مع مساعديه لعبة «فرق تسد»، ويقوم بتشجيع كل تيار ضد الآخر، ويقف فى النهاية مع الأقوى، دون النظر إلى الأضرار التى يمكن أن تحيط بالرئاسة والبيت الأبيض جراء هذا الهوس بالقوة.
إن ترامب أصبح يشكل أزمة ضخمة لكبار مساعديه الذين يتساقطون الواحد تلو الآخر، وأصبح يشكل عبئاً ثقيلاً على حزبه الجمهورى، وعلى النواب الذين أيّدوه ويواجهون الآن دفع ضريبة تأييدهم له، وهم على حافة انتخابات تشريعية.