بقلم عماد الدين أديب
الصديق العزيز والأخ الكبير الأستاذ سمير عطا الله له عبارات ما يعرف بالسهل الممتنع، بسيطة فى تراكيبها، لكنها عميقة وحكيمة فى معانيها.
من تلك العبارات التى ذكرها أمامى الأستاذ سمير، قوله: «إن قمة المعرفة أن تعرف أنك لا تعرف»!
ولأن الأستاذ سمير من آخر الكتّاب المحترمين الذين يُقدّرون قيمة المعرفة عبر الاطلاع والقراءة، فإن الرجل لا يفارق كتابه صباح مساء، وما زال يتعامل مع المعارف كتلميذ عاشق للتعلم، رغم أنه أطفأ شمعة عامه الـ75، أطال الله عمره وأمده بالصحة.
نعود لتأمل العبارة التى تقول إن «قمة المعرفة هى أن تعرف أنك لا تعرف».
أهم ما فى أعماق هذه المقولة هو ذلك الدرس الأزلى الذى يلح علينا منذ الميلاد حتى الممات، وهو أنه فوق كل ذى علم عليم، وأن الحقيقة المطلقة والعلم المطلق هما لله وحده دون سواه.
وشعور البعض الذين قرأوا كتاباً هنا أو شاهدوا برنامجاً هناك، أو سمعوا شائعة هناك أو تابعوا تغريدة جذابة مثل المرأة اللعوب تبهرك من الخارج، لكنها رخيصة من الداخل!
هؤلاء يعتقدون أنهم ملكوا العلم فوق الأرض، ويؤمنون بأن لديهم المعرفة الكافية للحكم على أدق الأمور وأعقدها.
إن حالة الشعور بالمعرفة الكاملة هى بداية النهاية لكل طالب علم، وكل مجتهد، وكل باحث علمى.
إن تلك الحالة هى نوع من النرجسية الفكرية التى تدفع بصاحبها إلى تراكم الأخطاء والخطايا إلى حد الوصول إلى حافة الهاوية.
وما أتعس الحاكم الذى يعتقد أنه يملك الصواب المطلق، وما أتعس العالم الذى يعتقد أنه يمتلك الحقيقة، وما أتعس القاضى الذى يؤمن أنه وحده الذى يمتلك ناصية الصواب، وما أشقى رجل الأعمال الذى يؤمن بأنه وحده الذى يعرف تركيبة أسرار النجاح!
المثل الشعبى فى مصر يقول «يموت المعلم ولا يتعلم».
كان بودى أن يستكمل المثل ليقول المهم أن يعرف أنه لا يعلم أنه لا يعرف!.