قررت «تركيا أردوغان» أن تلعب دور القرصان البحرى الجديد فى البحر المتوسط.
أزمة «أردوغان» الكبرى فى معادلة أن يصبح دولة سوبر إقليمية ويحقق حلم «العثمانيين الجدد» هى عدم توافر سلاح الطاقة لديه ولدى بلاده.
منذ عام 1974 قامت بعثة جيولوجية أمريكية تعتمد على المسح الجوى بالأقمار الصناعية فى تحديد أماكن المياه والغاز والنفط الكامنة فى باطن منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً فى سواحل المتوسط من تركيا إلى قبرص واليونان إلى ليبيا ومصر وصولاً إلى لبنان وإسرائيل واكتشفت عمليات المسح الجوى وجود كنز استراتيجى من الغاز يقدر بـ170 تريليون قدم مكعب من الغاز بشكل مبدئى!
المذهل فى الأمر أن حدود تركيا خالية من وجود مثل هذه الثروات الطبيعية.
من هنا يمكن فهم سعى أساطيل الاستكشاف التركية فى التعدى على الحدود البحرية الدولية والاقتصادية لقبرص واليونان واستغلال الوجود والتعاون العسكرى المشبوه لتركيا فى طرابلس للتعدى على ثروات الغاز.
وتأتى الاتفاقية المشبوهة التى تم توقيعها بين أنقرة وطرابلس مع حكومة الوفاق العميلة لتركيا كى تدعم الحلم التركى فى إيجاد شرعية للبحث والتنقيب عن الغاز.
وأظهرت الوثائق الخاصة بالاتفاق الذى تم توقيعه قيام الطرفين بتحديد إحداثيات دقيقة للمنطقة الاقتصادية بين البلدين تم وصفها فى الاتفاق بأنها «تقنية» تم تحديدها بشكل عادل! وأن الاتفاق ملزم وسارٍ وفورى عند إقراره، وهو ما وافق عليه البرلمان التركى بأغلبية ساحقة مع اعتراض 13 نائباً فقط!
ويبدو أن ثروة غاز المتوسط هى عنوان مشروع النهب الاستعمارى الجديد فى العقد المقبل من هذا القرن.
إسرائيل استولت بالفعل على حقول قبالة ساحل غزة، وجزء من لبنان.
وتركيا الآن تستولى على ما هو من حق اليونان وقبرص وليبيا.
فقط كل من مصر وإسرائيل وقبرص واليونان رسمت حدودها البحرية وتعاملت بشكل تقنى وحقوقى متحضر فى تحديد حقوق كل طرف.
السلوك التركى فى هذا الملف، وإصراره على إعادة سياسة البوارج البحرية العثمانية منذ 300 عام إلى المنطقة تنذر بخطر عظيم وحماقات كبرى فى الطريق.
«أردوغان» المسكون بهوس معاداة مصر، ونظام حكم تخلص من الإخوان المسلمين، يبحث عن أى وسيلة للإضرار بالمصالح المصرية بأى شكل.
وبدون لف أو دوران يمكن القول إن المواجهة العسكرية البحرية بين مصر وحلفائها فى المتوسط ضد تركيا وعملائها مثل حكومة السراج آتية لا ريب فيها.
من هنا لا بد من الاحترام الشديد للرؤية المستقبلية الحكيمة للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى سعى إلى تسليح نوعى استراتيجى يتفق مع تحديات الأمن القومى المقبلة.
ليس مصادفة أن مصر كانت تتوافق مع شركة «إينى» الإيطالية على الاستكشاف لحقول بحرية فى الوقت ذاته الذى كانت تنهى فيه اتفاقيات حاملتى هليكوبتر مع فرنسا، وطائرات رافال وسوخوى، وزوارق طوربيد، وغواصات من ألمانيا.
الغاز من أهم وسائل الطاقة الحديثة، والطاقة هى المحرك الاستراتيجى لكافة عناصر القوة لأى دولة عصرية.
من هنا لا بد لهذه الطاقة من قوة تحميها من السرقة والقرصنة البحرية حتى لو اضطرها الأمر إلى دفع أغلى ثمن وهو الدم.