عماد الدين أديب
هذا الأسبوع حدث أسرع انتقال للسلطة داخل حزب المحافظين الحاكم فى بريطانيا.
تبدأ القصة منذ أن أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون استقالته من الحكومة، بعدما اختار الشعب البريطانى الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبى بنسبة 52٪ مقابل 48٪ مع البقاء.
وبإعلان رئيس الوزراء عن رغبته فى الاستقالة تتحرك آلية داخلية فى حزب المحافظين الحاكم تبدأ باختيار زعيم للحزب ليصبح بعدها رئيساً للحكومة.
كان الجدول الزمنى يقوم على أن يختار 150 ألفاً من ناخبى الحزب يوم 9 سبتمبر المقبل واحدة من امرأتين، الأولى هى «تريزا ماى»، من أبرز قيادات الحزب وأطول من شغل منصب وزير الداخلية فى الحياة السياسية البريطانية، مقابل منافستها «أندريا ليدسوم» التى ارتكبت خطأ مخيفاً بمهاجمتها منافستها «تريزا» فى مقابلة صحفية تحت دعوى «أن الأخيرة لم تنجب أطفالاً فى حياتها»، مما اعتُبر أمراً يستحق المؤاخذة الحزبية.
نتيجة ذلك اضطرت «أندريا» إلى الاعتذار عما حدث والاعتذار عن مبدأ المنافسة على رئاسة الحزب.
المذهل هو تسارع تتابع الأمور بعد ذلك!.
فى العاشرة صباحاً أعلنت «أندريا» عدم عزمها الترشح، وفى العاشرة والنصف أعلن المتحدث باسم المحافظين أمام البرلمان للصحفيين اعتبار «تريزا ماى» رئيسة للحزب، وبعدها بساعة واحدة خرج ديفيد كاميرون أمام مبنى مقر مجلس الوزراء، فى رقم عشرة «داوننج ستريت»، ليعلن أنه سوف يترك مقر إقامته فى هذا المبنى كى تتولاه تريزا ماى التى أصبحت رئيسة للحزب، فبالتالى تصبح رئيسة للحكومة.
حدث هذا بينما نأخذ نحن شهوراً وسنوات فى مسألة انتقال سلطة أو اختيار حكومة أو تعيين وزير أو مسئول فى منصب رفيع.
أهم ما فى الأنظمة الديمقراطية أن «قواعد اللعبة» أهم من أى «لاعب» وأن العرف الديمقراطى يفرض نفسه بقوة على سلوكيات الساسة.
وما قام به كاميرون ينم عن احترام عظيم لقواعد التجربة لحزب المحافظين العريق، ويؤكد سلوكاً متحضراً لرجل لا يريد التكالب على سلطة ولو ليوم واحد إضافى دون حق أو مبرر.
يحدث هذا كله فى بلد اختار أن يكون الحكم فيه بلا دستور مكتوب ولكن من خلال اتفاق عرفى تعاقدى اسمه «الماجنا كارتا».
المسألة ليست الوثائق والقوانين بقدر الذين يحترمونها!