بقلم عماد الدين أديب
فى أول محاضرة مفصّلة له حول سياسة إدارته -إذا ما فاز- تحدث المرشح دونالد ترامب عن رؤيته لمواجهة الإرهاب العالمى.
ولعلها كانت المرة الأولى التى يقرأ فيها «ترامب» من نص مكتوب باقتدار وحرفية ولا يرتجل، فيُعرض نفسه لزلات اللسان التى أثرت على شعبيته فى الآونة الأخيرة.
ولعل أهم ما يستوقفنا نحن هو قوله: «إننا فى مواجهتنا للإرهاب وداعش سوف نعتمد على جهود كل من الملك عبدالله الثانى ملك الأردن، والرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس مصر».
وعاد فى فقرة تالية وتحدث عن الدعم غير المشروط والتعاون الدائم مع «الصديقة» إسرائيل.
إذن تحرك «ترامب» فى الشرق ورؤيته فى مواجهة «داعش» فى المنطقة سوف تعتمد على 3 عواصم رئيسية هى تل أبيب، عمان، القاهرة.
والمتابع الجيّد للأحداث سوف يلاحظ أن إدارة باراك أوباما كانت تعتمد على بغداد وأنقرة فى سياستها الإقليمية، وكان عدم التوافق الشخصى بين «أوباما» ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو سبباً فى عدم تنشيط هذا المحور.
وفى ما يختص بإيران، فإن «ترامب» وصف الاتفاق الأمريكى - الأوروبى مع طهران بأنه خديعة، وأنه لصالح إيران. ووصف السماح لطهران باسترداد ودائعها فى البنوك الأجنبية وكأنه «فدية أو إتاوة مالية دفعتها واشنطن لها».
وأكد «ترامب» أنه إذا وصل إلى الحكم فسوف يقوم بتجميد الاتفاق النووى مع إيران، ومواجهتها فى الشرق الأوسط هى وحلفائها دون تردد.
إذن نحن أمام رؤيتين متناقضتين تماماً فى ما يختص بمواجهة الإرهاب فى المنطقة من جانب «ترامب»، وهيلارى كلينتون التى تعتبر سياستها امتداداً لسياسة «أوباما» الخارجية خلال الـ8 سنوات الماضية.
«ترامب» يدرك أن الدور المصرى الذى لا يخفى أنه يسير فى اتجاه مخالف لإدارة «أوباما»، يمكن أن يتعاون معه فى سياسة جادة وحازمة لمواجهة الإرهاب.
ويأتى ذكر مصر والرئيس السيسى فى أول وثيقة رسمية لسياسة «ترامب» المتوقعة فى المنطقة تأكيداً لجدية الإدارة الجمهورية الجديدة، فى حال فوزها بالرئاسة، لتغيير قواعد السياسة والسلوك الأمريكى فى الشرق الأوسط.
فى الوقت الذى كانت فيه سياسة أوباما قائمة على الانكماش والانسحاب ومحاولة الاحتواء لملفات المنطقة، يأتى «ترامب» بأفكار تقوم على المواجهة الشاملة لكل من إيران و«داعش» وما بينهما!