أخطر ما يمكن أن يواجه البشرية التى انتشر بها فيروس الكورونا فى 163 دولة وأصاب 177 ألف إنسان، وأدى إلى وفاة 6600 إنسان، حتى كتابة هذه السطور، وتجاوزت خسائره المادية المباشرة وغير المباشرة 1.7 تريليون دولار للآن، هو «اليأس»!
الاقتصاد يدخل فى دورات صعود وهبوط، وخسائر البعض هى مكاسب الآخر، وكل إشكاليات البيزنس يمكن دائماً إيجاد حلول جذرية لها أو التخفيف من أضرارها، أما الإحباط واليأس والشعور بالعدمية والانهيار النفسى، فهو أكبر مليون مرة من الانهيار المالى.
ببساطة إنها أزمة مختلفة، تأخذ شكلاً جديداً، بعناصر وتبعات غير مسبوقة سوف تنتهى عاجلاً أو آجلاً بحلول دوائية، وإجراءات صحية، وتعويضات مالية حكومية لإنعاش اقتصادات الدول.
كل من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وألمانيا وفرنسا والصين واليابان وكوريا الجنوبية ومصر والسعودية وقطر والإمارات والأردن أعلنت عن حوافز مالية وإجراءات اقتصادية، ومبالغ مخصصة للتعويض عن أضرار الكورونا على الاقتصاد ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وإنعاش الاقتصادات الوطنية.
مرة أخرى، الخوف الحقيقى ليس من هبوط البورصات أو انهيار الاقتصادات ولكن الخوف كل الخوف من هبوط الروح الوطنية وانهيار الثقة فى الأمل.
ولدى بيفرلى سيلز عبارة عبقرية تقول: «قد لا تحصل دائماً على كل ما طالبت به ولكن المؤكد أنك لن تحصل على ما لم تطالب به إلا العدوى الناقلة للأمراض».
منسوب الأمل هو الأهم، ورصيد الثقة أهم من رصيد النقد، والطاقة الإيجابية أهم من الكهرباء والبنزين والسولار.
الطاقة الإيجابية هى كلمة السر السحرية القادرة على إحداث نقلة نوعية لهذا العالم البائس اليائس الخائف المرتبك المحبط المذعور.
الطاقة الإيجابية تأتى من القراءة العميقة للتاريخ المعاصر، الذى يبين كيف نهضت الدول والحضارات من تحديات وكوارث وانتكاسات وابتلاءات عظمى.
اليابان بعد القنبلة النووية أصبحت واحداً من أهم اقتصادات العالم.
الصين فى عهد «صن يات صن» فشلت 14 مرة فى إقامة الجمهورية، ثم نجحت وأصبحت عملاقاً يُحسب حسابه.
مصر بعد هزيمة 1967 نجحت فى أكتوبر 1973 فى أن تعبر اليأس والهزيمة وتنتصر.
العالم كله اتحد وأخرج صدام حسين من الكويت بعد أول غزو كامل لأراضى دولة بالكامل من دولة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية.
سقطت الفاشية والنازية بعد حرب كلفت البشرية 40 مليون إنسان.
انهار الاتحاد السوفيتى الحديدى بعد قتل 38 مليوناً واعتقال 25 مليوناً منذ عام 1917 حتى 1991.
عرفت البشرية نجاحات فى اكتشاف البنسلين، ولقاحات الحصبة وعلاج فيروس الكبد الوبائى والملاريا، وعرفت زراعات الأعضاء عبر الجراحة.
عرف العلم مصادر للطاقة البديلة من الهواء وتكرير المياه والإسقاط الصناعى للأمطار والرى بالتنقيط والهندسة الوراثية للحبوب والتوسع فى علوم الاستنساخ.
أعرف أن حالة عالم اليوم تبعث على مثلث من الخوف والقلق والكآبة، لكنه شعور طبيعى وأيضاً مؤقت سوف يزول مثلما زال ما هو أخطر منه قبل ذلك على مر التاريخ.
الاستسلام لا يحدث برفع الراية البيضاء فى ساحات المعارك، لكنه يبدأ بالانكسار النفسى وفقدان الأمل وضعف الإيمان والعياذ بالله.