بقلم : عماد الدين أديب
انشغال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التى تُحسَم فى نوفمبر 2020 أمر مقدَّر ومفهوم، ولكن هذا لا يعنى أن يُترك الرئيس معلقاً حتى ذلك التاريخ.
من التقليدى والمتعارف عليه أن تكون قرارات الرئيس الأمريكى فى العام الأخير من مدته الرئاسية الأولى مرتبطة تماماً وكلياً بمزاج الناخب المحلى الأمريكى.
هذا يعنى أن أى قرار فى السياسة الخارجية الأمريكية فى تلك الفترة يرتبط أساساً وكلياً بنظرية «إلى أى مدى يضر أو ينفع هذا القرار الموقف الانتخابى للرئيس وكيف يدعم أو يضر بحظوظه الانتخابية».
كل ذلك مفهوم.. غير المفهوم هو أن يعتمد الرئيس ترامب سياسة تقوم على أن العالم يؤجل قراراته الكبرى، ولتذهب مصالح الغير إلى الجحيم لحين حسم واشنطن نتائج معركة الرئاسة الأمريكية.
فى 2020، لا بد من معرفة تطورات ملفات بروتوكول التجارة مع الصين، ومشكلات العلاقات مع روسيا، وتجارب كوريا الشمالية فى الصواريخ الباليستية، وخروقات إيران لشروط التخصيب النووى، وتطورات علاقة واشنطن مع كندا والمكسيك فى اتفاق «النافتا».
من هنا لا يمكن تأجيل الدور الأمريكى فى تداعيات ما يحدث الآن فى العراق وأفغانستان ولبنان وفنزويلا فى الداخل.
ومن هنا أيضاً لا يمكن تأجيل الدور الأمريكى إزاء «الجنون الهستيرى» لسياسات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تجاه العالم والمنطقة.
لا يمكن لواشنطن أن تقف موقف المشاهد بينما سفن «أردوغان» تمارس قرصنة دولية فى البحر المتوسط تجاه مصالح دولية شرعية وواضحة لدول صديقة لها مثل اليونان وقبرص وإسرائيل ولبنان ومصر.
لا يمكن أن تقتصر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إقدام «أردوغان» على نقل قوات إلى طرابلس وإثارة قلاقل فى المنطقة على «إننا نتابع بقلق ما تقوم به أنقرة»، أو القول: «إن التدخل العسكرى فى ليبيا سوف يساعد على تعقيد المنطقة وإثارة الاستفزاز».
هذا كلام يُضحَك به على عقول أطفال فى «سنة أولى حضانة سياسية» وليس على دول كبرى ذات تاريخ ومصالح وشعوب ذات رأى عام مؤثر ومطّلع.
إن تأجيل حسم أى موقف أمريكى صريح وحاسم تجاه السياسات العدوانية التركية سوف يكون مكلفاً للغاية على الإدارة الأمريكية إذا ما تم تركه دون أى معالجة أو دون أى تدخل أمريكى حاسم.
يتصرف «أردوغان» بكل هذه الرعونة والاستهانة بأى رد فعل أمريكى، لأنه قرأ سياسياً أن إدارة ترامب الآن «مغلقة للانتخابات الرئاسية» لحين إشعار آخر.
وحتى إعادة فتح أبواب الدكان الأمريكى ستكون «مالطا قد خربت»، وليبيا قد ضاعت، وتركيا وإيران قد عبثتا بخارطة المنطقة من البحر الأحمر حتى شرق المتوسط.