لو جلس الرئيس عبدالفتاح السيسى عقب أدائه صلاة الفجر، وبعد تناول كوب الشاى بالنعناع، وفكر بعمق وتركيز شديدين ووضع مفكرته الخاصة أمامه وبدأ يدون أولوياته الضاغطة فى الداخل والخارج، ماذا سيكتب؟ وماذا سيقول؟
هذا افتراض تخيلى من جانبى أحاول من خلاله أن أتصور كيف يفكر الرئيس المصرى فى همومه وتحديات شعبه؟
وفيما يلى ما نتخيل أنه سوف يكتبه:
«يتعين علىّ أولاً أن أضع هموم الداخل قبل أى شىء آخر:
رغم أننا فعلنا كل شىء، وقمنا بكل الإجراءات الاحترازية، وقمنا بعمل التوعية اللازمة فإن كثيراً من الناس لا يرتدون الكمامات، لا يبتعدون عن الزحام، يتعاملون مع الفيروس بلا خوف».
«النظام الصحى فى بلادى يحتاج لدعم، ما زال باحتياج شديد إلى إمكانيات وموارد وأجهزة، ربنا يساعدنى على إيجاد التمويل اللازم».
«الملايين الذين يعملون فى بلادى باليومية يحتاجون إلى دعم يحتاج إلى نصف تريليون جنيه دبرنا منهم حوالى ربعهم».
«ضرورة تدبير 3 مليارات جنيه لإعداد وتعقيم لجان المدارس من أجل الامتحانات النهائية».
«لا بد من استكمال مشروع نقل العشوائيات مهما كلفنا الأمر، يجب أن أحافظ على وعدى لهم بنقلهم إلى سكن يليق بهم».
«كم شعرت بسعادة لزيارتى أمس إلى حى «الأسمرات 3»، إنها لحظة فخر وسعادة مطلقة أن ترى حياة بعض الناس قد تحسنت بدرجة ملحوظة».
«يجب ألا يتعطل استكمال مشروع العاصمة الإدارية عن موعده، ويجب أن ندبر تمويل «المونوريل» الخاص بها رغم أن تكلفته تبلغ 2.7 مليار يورو».
«فقدنا جزءاً من الاحتياطى النقدى بسبب أزمة الكورونا وآثارها، لا بد من اجتماع مع رئيس الحكومة والوزراء المعنيين ومحافظ البنك المركزى لبحث الموقف».
«نحن بحاجة لمتابعة استكمال شبكة الطرق، وتحديث هيئة السكة الحديد، وشبكة الصرف الصحى».
«مطلوب التأكد من تأمين الاحتياجات الخاصة بالقمح وموارد التموين الأساسية لفترة لا تقل عن سنة لأن ظروف العالم وأسعاره غير مستقرة».
«علينا أن نراجع الجدول الزمنى الخاص بالمشروعات القومية - التأكد من مطابقة التنفيذ لهذا الجدول الصارم الدقيق».
«طلب تقرير من الرقابة الإدارية حول جهود ضبط الأسعار ومحاولات استغلال أزمة الكورونا من قبل بعض التجار».
«يجب متابعة الموقف مع رئيس الحكومة فيما يختص بالإجراءات التدريجية لعودة الحياة الطبيعية بعد كورونا».
«من الضرورى ألا نفقد موسم السياحة هذا الشتاء لجلب السياح بدءاً من أكتوبر المقبل».
«مرة أخرى متى يعود إلينا السياح الروس بقوة؟ مطلوب متابعة الأمر مرة أخرى مع الرئيس بوتين».
«متابعة مشروعات القوانين التى ما زالت تحت البحث فى لجان البرلمان مع رئيس البرلمان واستعجال الانتهاء منها».
«طلب عمل مسودة نهائية لخطاب ذكرى ثورة 30 يونيو مع تحديد الإنجازات التى تمت منذ ذلك التاريخ وتحديد التحديات الحالية».
يعود الرئيس ويرتشف كوباً ثانياً من الشاى، وينظر عبر نوافذ مكتبه الزجاجى الذى يظهر حديقة محيطة بمكتبه ويذهب بخياله وأفكاره نحو الهموم الأخرى وهى هموم السياسة الخارجية فيكتب فى «أجندته» الشخصية:
ثانياً: التحديات الأمنية الخارجية
«متابعة مهلة الـ30 يوماً التى أعطيناها لإثيوبيا من أجل حسم موقفها النهائى من مسودة مؤتمر واشنطن، ومسألة الجدول الزمنى لملء سد النهضة».
«الاجتماع مع مجلس الأمن القومى والقيادة العليا للقوات المسلحة لدراسة البدائل والتحديات الاستراتيجية فى حال إصرار إثيوبيا على رفض مسودة واشنطن».
«طلب معلومات دقيقة من أجهزة الأمن المصرية والأجهزة الصديقة حول النشاط القطرى - التركى المضاد المتزايد فى ليبيا وتونس والسودان وغزة ضد مصر ومصالحها».
«عمل عرض تفصيلى لنوعية الأسلحة والعتاد التى قامت تركيا بنقلها مؤخراً إلى ليبيا، ومعلومات عن حجم وتسليح القاعدتين اللتين يعتزم أردوغان تشييدهما فى سرت والوطية».
«استمرار التنسيق مع دول شرق البحر المتوسط: فرنسا، اليونان، قبرص، بخصوص التحركات العسكرية التركية وتهديدها لمخزن الغاز البحرى فى المنطقة، ومخاطر التأثير على عمليات النقل والتصدير».
«مخاطبة الاتحاد الأوروبى لاتخاذ موقف أكثر تشدداً من الخروقات التركية لمؤتمر برلين الخاص بليبيا».
«متابعة الموقف فى المنطقة مع الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل».
«استمرار التنسيق الثلاثى مع الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد والتفاهم على التكامل فى التحركات المقبلة بشكل مشترك لمواجهة تعقيدات تدهور المنطقة».
«عمل دراسة حول فرص فوز مرشح الحزب الديمقراطى الأمريكى، ومدى جدية التحديات التى يواجهها ترامب الآن وطلب تقرير من الخارجية عما هو المتصور فى حال خسارة ترامب».
«ترتيب جدول زيارات عربية وأخرى أوروبية عقب انتهاء أزمة كورونا».
«الترتيب لعقد اجتماع ثان لمنتدى الغاز الخاص بشرق البحر المتوسط بالقاهرة بحضور: فرنسا، الأردن، اليونان، قبرص، إسرائيل لبحث تداعيات الاتفاق التركى مع حكومة السراج حول حق التنقيب عن الغاز فى ليبيا أرضاً وبحراً».
«متابعة الجدول الزمنى لمشتريات السلاح خاصة الاتفاق الأخير مع إيطاليا».
«التحضير لجدول أعمال اللقاءات فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل إذا ما انعقدت فى موعدها ولم تتأثر بكورونا».
«مخاطبة دول الاتحاد الأفريقى حول مخاطر تصدير الإرهاب التكفيرى من دول الساحل الأفريقى إلى ليبيا بشكل مرتزقة».
وفى النهاية يراجع الرئيس ما كتبه ثم يدفع به إلى مدير مكتبه اللواء محسن عبدالنبى ويتم تحويل الأفكار إلى جداول زمنية وتوزيع مهام وخطط متابعة.
هذا بعض مما استطاع عقلى المحدود ومعرفتى القاصرة رصده أو تحليله من هموم رئيس مصر، وبالتأكيد فإن الرجل لديه ما هو أكثر مما تخيلناه وما خفى كان أعظم بكثير مما هو معلوم.
ما أقسى أن تكون مسئولاً فى هذا الزمن الخطر، وما أصعب أن تكون لديك كل هذه الملفات التى لا يطيق حملها بشر!
ولا يملك الإنسان إلا أن يدعو للرجل -فى هذه الأيام الدقيقة والخطرة- بالتوفيق وحسن التدبير، وأن يهيئ له كل عناصر النجاح وأولها البطانة الكفؤ الصالحة.
إنه على كل شىء قدير، وليحفظ الله مصر.