توقيت القاهرة المحلي 06:00:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أردوغان: تزوير «الحدود» و«الوجود»!

  مصر اليوم -

أردوغان تزوير «الحدود» و«الوجود»

بقلم : عماد الدين أديب

جريمتان اقترفهما فخامة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضى بامتياز، كلتاهما اعتمدت على الكذب البواح وتزوير الحقائق، وخلق واقع افتراضى مصنوع من خياله وضلالاته وأوهام مشروع «تركيا الكبرى».

الجريمة الأولى هى جريمة تزوير واحتلال حدود وخطوط سيادة بحرية لا علاقة لها بقواعد اتفاقية معاهدة الحدود البحرية التابعة للأمم المتحدة عام 1981.

هذا هو «الاختراع» الأول الذى اختلقه عقل فخامته.

الاختراع الثانى أو الكذبة الثانية هى ادعاؤه على السعودية أنها هى التى منعت باكتسان من حضور تلك القمة المشبوهة التى عُقدت فى كولالمبور بين ماليزيا وإندونيسيا وإيران وتركيا وقطر بناء على مشروع وفكرة كان رئيس وزراء ماليزيا قد طرحهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة لأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى.

تعالوا نناقش أحدث اختلاقات أو اختراعات فخامة الرئيس التركى.. الأول اختلاق وتزوير «حدود» والثانى اختلاق وتزوير «دور ووجود»!

قرر فخامته أن يعدّل «على كيفه» الحدود الدولية لسواحل البحر المتوسط.

وقرر ألا يعترف قانونياً بدولة قبرص، وأن يختلف سياسياً مع دولة اليونان، ويتصادم سياسياً مع مصر، ويخشى التصادم مع دولة إسرائيل، لذلك قرر -منفرداً- أن يعتبر أن امتداد الجرف البحرى لبلاده لا يبدأ من واقع المساحة الجغرافية الفعلية على حدود دول المنطقة، ولكن قرر أن تبدأ من عنده وتتصل فقط بمدينة طرابلس، متجاهلاً كل الدول الأخرى التى خلقها الله على هذه البحار، وتم ترسيم حدودها ومساحتها البحرية دولياً منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية باتفاقيات دولية ملزمة موقع عليها من دول العالم.

وفى هذا المجال يقول مركز «آى. إتش. إتس ماركت»: تخشى تركيا من أن تكون محاصرة من الجهة الجنوبية فى ظل خطط لخط أنابيب غاز مستقبلى يربط حقول الغاز القبرصية بالأسواق الأوروبية. وجاء أيضاً فى تقرير المركز أن الحدود البحرية التى رسمت بموجب الاتفاق التركى مع حكومة السرّاج تغطى مساحة من جنوب غرب تركيا إلى شمال شرق ليبيا عبوراً بالطريق المقرر لهذا «الأنبوب».

سياسة القرصنة التركية تسعى إلى فرض سياسة قوة تجبر دول المتوسط (اليونان، قبرص، مصر، إسرائيل، لبنان، سوريا) على أن يكون نقل الغاز عبر المنطقة التجارية الخاصة بتركيا بدلاً من استبعادها.

من أجل الغاز يريد أن يمارس سياسة قرصنة بحرية على ثروات خزان الغاز الراقد تحت شرق البحر المتوسط.

سياسة فخامته تقوم على استخدام القوة العسكرية لتغيير الأمر الواقع، وتعديل الحدود، والاستيلاء الكامل على الثروات أو المشاركة فى جزء منها.

سياسة فخامته «سوف أقيم الدنيا ولا أقعدها، وسوف أدمر المعبد على رؤوس الجميع، لو لم تتم الاستجابة لشروطى المستحيلة».

يعتمد فخامته على مشروع أحمق غير قانونى وغير أخلاقى يسعى لفرضه بالقوة غير عابئ بأى قوى محلية فى الداخل أو إقليمية فى المنطقة أو دولية مؤثرة.

يعتمد فخامته فى هذا المشروع على عدم وجود مشروع لدى خصومه!

يعتمد فخامته فى مشروعه على ارتباك النظام الدولى، والتوازنات العالمية، وانكفاء أهم لاعبين على همومهم الداخلية، فها هو ترامب مشغول بعملية العزل، وبوتين بالعقوبات، وأوروبا بإمكانيات ومخاطر الانقسام، والصين بالحرب التجارية، وفرنسا بالأزمة الاقتصادية الداخلية.

يعتمد فخامته على بنك تمويل مفتوح اسمه الصندوق السيادى القطرى لتحقيق مغامراته وغزواته الكبرى.

يعتمد فخامته على ميليشيات الإرهاب التكفيرى من الإخوان إلى داعش إلى النصرة إلى كتائب طرابلس الإرهابية.

نأتى إلى جريمة التزوير الثانية، وهى تصريحاته الغاضبة التى ادعى فيها على السعودية بالآتى:

أن «الرياض استخدمت ملفى ترحيل العمالة الباكستانية فى المملكة، وسحب ودائعها من البنك المركزى الباكستانى، من أجل منع باكستان من المشاركة فى قمة كولالمبور»، على حد ما نقلته وكالة «الأناضول» حرفياً.

هذا الكلام العجيب ردت عليه كل من السعودية وباكستان بقوة، وتم اعتباره فصلاً جديداً من فصول حماقات الرجل السياسية.

هذه القمة هى مشروع يبدو من ظاهره وشعاراته محاولة لخلق كيان إسلامى متطور وعصرى يواكب متغيرات العالم، ولكن باطنه هو مشروع التقت مصالح كل من تركيا وإيران وقطر على التحالف لتنفيذه يعتمد على:

1- تحويل مركز قيادة العالم الإسلامى من الرياض العربية إلى وسط آسيا.

2- خلق محور مضاد لمشروع التحالف الإسلامى الذى دعت إليه المملكة العربية السعودية والذى شاركت فيه 41 دولة برعاية خادم الحرمين الشريفين، وقام بتفعليه ولى العهد السعودى.

3- شق المعسكر الإسلامى بين الدول ذات قوة المكانة الروحية والمعنوية مثل: السعودية، مصر، باكستان.. مقابل الدول التى تسعى لفرض سياسات خاصة عبر الاعتداء والقوة والسطوة والابتزاز، وعلى رأسها تركيا وقطر وإيران.

اللعب كله على استدراج ماليزيا وإندونيسيا وباكستان.

ماليزيا وإندونيسيا فهمتا اللعبة متأخراً، لذلك أجرتا اتصالات مع القيادة السعودية لتفسير مواقفهما وأسباب مشاركتهما ورفضهما المشاركة فى أى محور مضاد لمصالح السعودية ودورها.

أما باكستان، وهى دولة عريقة فى السياسات الإقليمية، فهى كدولة ترتبط بعلاقات «شديدة القوة» تاريخياً وبمصالح متشابكة منذ أكثر من نصف قرن مع الرياض، تبدأ بالاقتصاد، وتمر بالعمالة الباكستانية وتنتهى بالتعاون العسكرى الضخم.

رئيس الوزراء عمران خان، مثله مثل 8 من رؤساء حكومات بلاده السابقين، يعرف المعلن والسرى فى العلاقات بين باكستان والسعودية، ويعلم أن الرياض كانت دائماً هى الملاذ الآمن لهم، وخط الدفاع الأخير للاقتصاد الباكستانى.

رئيس الوزراء الباكستانى يعلم أن أخلاقيات الممارسة السياسية فى الرياض لا تعمل بمنطق الابتزاز السياسى الذى يُستخدم فى طهران وأنقرة والدوحة.

تصريحات أردوغان الكاذبة الغاضبة القائمة على الادعاءات قطعت آخر خيط رفيع محتمل بينه وبين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

تصريحات أردوغان الحمقاء هى خطأ سياسى لا مبرر له سوى خدمة المشروع القطرى فى الإساءة للمملكة.

سوف يدفع رجب طيب أردوغان ثمن هذا الجنون قريباً فى مصالحه بالمنطقة من السعودية وصولاً إلى ليبيا التى تتهيأ لحرب مقبلة.

لو قرأ أردوغان بعضاً من التاريخ الإسلامى لعلم أن الدور الروحى لحكم الدولة التى ترعى الحرمين الشريفين هو دور «روحى أبدى» لا يمكن نزعه أو المنازعة عليه.

لو قرأ أردوغان قصة عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك المعروف، بعبدالرحمن الداخل، الذى كان فى حالة عداء شديد مع الخلافة العباسية، ورغم أن العباسيين قتلوا أخاه ونبشوا قبر جده هشام، رغم ذلك لم يطلب أو يلمح ذات يوم بأنه خليفة للمسلمين، لمعرفته بأنه لا يمكن أن يطلق هذا اللقب إلا على من كان حامياً للحرمين الشريفين قائماً على خدمتهما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان تزوير «الحدود» و«الوجود» أردوغان تزوير «الحدود» و«الوجود»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon