اجتماعات قمة العشرين هى فى حقيقة الأمر قمتان: علنية وسرية، ما فى القاعة وما يحدث فى اللقاءات الثنائية على هامش المؤتمر، سياسية وتجارية، فيها ما يقال وفيها ما يبقى فى صدور المجتمعين.
إنها قمة من يتحكمون فى 80٪ من ثروات العالم ومداخيله، وجيوشه، وبالتالى فى قراراته العليا المصيرية.
الآن، الكبار يلعبون لعبة «إعادة هيكلة وترتيب النظام العالمى الجديد» بحيث يريد كل طرف أن يحصل على شروطه، ومكانته ومكاسبه، ويمنع الآخر من الصعود على جثته!
ومن الواضح أن اللقاءات الثنائية أدت إلى نتائج مهمة بعدما وصلت العلاقات بين الزعماء لمنسوب «توتر عالٍ ومخيف ومهدد للاستقرار العالمى».
نبدأ بما قام به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب:
1- كان منهج ترامب فى هذه القمة هو «ترميم ولملمة» كل عمليات التصعيد الذى وصل به إلى حافة الهاوية مع الجميع.
من هنا علينا أن نلاحظ وصفه لكل لقاءاته مع الجميع: كانت «رائعة وبناءة»!
ومن هنا أيضاً لاحظ أنه عاد وقال إنه لن يفرض رسوماً أخرى على الصينى، وشكر اليابانى على التنظيم الرائع، وامتدح ولى العهد السعودى بشكل شديد القوة، وأثنى على لقائه «الرائع» مع فلاديمير بوتين، وأشاد بالكندى والمكسيكى والأسترالى وبأهل مدينة «لوساكا» مقر المؤتمر!
2- كان شينزو آبى، رئيس وزراء اليابان، هو مهندس ودينامو هذا المؤتمر لذلك استطاع ببراعة أن يركز على نقطة جوهرية تعكس تلك الحكمة اليابانية العميقة التى تقول: «حينما نتوه يتعين علينا أن نعود إلى الأبجديات»، لذلك قال «إن أهم شىء فى هذا المؤتمر هو أننا عدنا إلى تأكيد مبادئ التجارة والتعاون».
3- الخوف من الفوضى هو الذى جعل الرئيس الصينى تشى بينج يحذر من «الفوضى والتنمر» فى الاقتصاد والسياسة.
ملاحظة الرئيس الصينى هى ملاحظة وانتقاد مهذب -على الطريقة الصينية- لجنون وهستيريا العقوبات التى قرر الرئيس الأمريكى فرضها على الجميع.
المشاركة المصرية بزعامة الرئيس عبدالفتاح السيسى بوصفه رئيساً للاتحاد الأفريقى كانت بالغة الأهمية لأنها أعطته فرصة تدعيم العلاقات الثنائية بين مصر وزعامات أهم قوى اقتصادية فى العالم.
حضور الرئيس السيسى والأمير محمد بن سلمان كان عاملاً لتحجيم «جنون وعدم انضباط» الرئيس التركى الذى كاد يتوسل للرئيس ترامب لعدم معاقبته على صفقة (إس 400)، وقام «بتوسيط» الرئيس الروسى حتى يقبل الرئيس الأمريكى أن يمررها دون عقوبات ويتهم إدارة أوباما بأنها هى السبب، متناسياً أو متغافلاً أن أوباما ترك الحكم يوم 20 يناير 2016!
ولى العهد السعودى ترك أثراً إيجابياً لدى الرؤساء (ترامب، بوتين، تشى، ماركون، ميركل)، وحظى بدعمهم جميعاً فى أن تكون السعودية هى الجهة المضيفة لقمة العشرين عام 2020.
وهناك تسريبات عن أن الرياض سوف تستخدم حقها فى توجيه دعوات لـ3 دول من خارج العضوية قيل إنها: مصر والإمارات ولبنان.
تبقى ملفات: تأمين حركة النقل البحرى فى الخليج، ومشاكل البيئة، وأسعار الطاقة، والحروب التجارية، ملفات جارية مستمرة قابلة للأخذ والرد تبعاً لحركة المصالح والمزاج الخاص بدونالد ترامب!
العالم أكثر هدوءاً عقب هذه القمة، ولكن مؤقتاً.. وأكرر «مؤقتاً»!
وتبقى إيران وصفقة القرن مؤجلة، وهو ما سوف نفسره غداً بإذن الله.