بقلم : عماد الدين أديب
كيف ترسل رسالتك السياسية إلى صاحب القرار، سواء كان ملكاً، أميراً، رئيساً، شيخاً؟
كيف تستطيع أن تكون مؤثراً فى صناعة القرار، سواء كان نظام الحكم ديمقراطياً؟ فردياً؟ أمنياً؟ مستبداً؟
القدرة على التأثير الفعال تبدأ أولاً بفهم طبيعة النظام، وطبيعة المشاكل، وحجم التحديات، وبدائل الحلول.
أهم شىء، على المستوى الإنسانى أن تستطيع أن تبعث «الراحة والطمأنينة» عند من تتعامل معه، بمعنى أن يثق فى نواياك وصدق مشاعرك حتى لو كنت تتبنى أفكاراً مخالفة أو برامج معارضة.
الجانب الشخصى فى دول العالم الثالث أمر بالغ الأهمية، لأن معظم السياسات فردية يديرها أفراد حكمت عليهم الظروف بإدارة ملفات شديدة الصعوبة، بالغة التعقيد.
هناك شخصيات يصعب أن تثق بك مهما فعلت، لأن لديها تراكمات نفسية شديدة تجعلها لا تثق فى أى إنسان أو أى قرار تحت أى ظرف من الظروف، لذلك كان «ماكس فيبر» يقول: «الثقة أهم عنصر من عناصر التجربة السياسية».
عرفنا فى التاريخ الحديث أن رجالاً مثل صدام حسين، معمر القذافى، أدولف هتلر، بنيتو موسولينى، عيدى أمين، الجنرال بينوشيه، أنتونى إيدن، كانوا لا يثقون أبداً فى أى إنسان يحيط بهم وهم فى مرحلة صناعة القرار.
لكل نظام، إذا جاز التعبير «كتالوج» فيه تفصيلات قانون الفعل، ورد الفعل الذى يتحكم فى صناعة القرار.
على من يريد التأثير الفعال والمساحة الإيجابية فى صناعة القرار أن يقيم جسراً من الثقة بينه وبين صانع القرار تحت قاعدة: «قد نختلف فى بعض التفاصيل ولكن لا نختلف فى الهدف النهائى»، أو قد نختلف داخل الوطن ولكن لا نختلف على الوطن، وقد نختلف حول أساليب بناء الدولة، ولكن لا نختلف حول ضرورة سلامة وبقاء الدولة الوطنية.
هناك ثوابت نحن بحاجة إلى تأكيدها عند صانع القرار حتى نستطيع أن نسهم فى بناء حاضر ومستقبل هذا الوطن، والانتقال من حالة المتلقى السلبى إلى حالة المشارك الفعال.
من حقك أن تعارض، ومن حقك أن تختلف، ولكن من داخل بيت الدولة، وليس من خلال إلقاء الحجارة عليها من خلف سور الوطن.
افهم الحقائق، افهم التحديات، افهم الحلول المتاحة، افهم النظام العام، ثم شارك بمسئولية دون تجنٍ من ناحية، ودون نفاق من ناحية أخرى.
وتذكر قول الله تعالى فى المنافقين: «وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا» (سورة النساء) صدق الله العظيم