بقلم : عماد الدين أديب
كان صراع الإنسان منذ بدء الخليقة هو كيفية أن يكون حراً فى ظل عالم تحكمه عناصر أكبر من قدرته على التحمل بدءاً من الطبيعة إلى نقص الماء والكلأ وصولاً إلى اليد الثقيلة لسلطة مفروضة عليه، إلى التهديد الخارجى من قوى غازية.
كيف يمكن لك أن تكون حراً وقانون كل شىء وأى شىء يتحكم فيك.
حتى فى قواعد الدولة القانونية التى ظهرت أفكارها عقب ظهور مبادئ «مونتسكيو» فى العقد الاجتماعى بين توازن السلطات أو سلطة الشعب كمصدر رئيسى للسلطات، فإن الفرد يشعر أنه مقيد -هذه المرة- ليس بسلطان السلطة ولكن بسلطان القانون.
وإطلاق الحرية على مصراعيها ليس هو الحل الأمثل أو الهدف النهائى المنشود الذى يناضل من أجله كل أنصار الحرية فى كل زمان ومكان.
الحرية مسئولية ولا يجب أن تكون مسلوبة.
هناك من يدعى تنظيم قواعد الحرية لكنه يريد فى حقيقة الأمر سلبها أو تعطيلها وليس تنظيمها.
وهناك أيضاً النقيض الكامل لهذا الأمر وهو ذلك الذى يخرج ويتظاهر ويرفع شعارات الحرية الكاملة لكنه ينتهى فى آخر النضال إلى ترسيخ الفوضى وتسليم البلاد والعباد لقوى شريرة تسعى إلى اختطاف الحكم.
انظروا إلى أول قرار حر اتخذه مخلوق بشرى منذ بدء الخليقة وهو سيدنا آدم (عليه السلام) وهو قرار أن يأكل التفاحة من الشجرة المحرمة لكنه استخدم قراره الحر وهو -بكامل إرادته- ورغم تنبيه العلى العظيم فى أول مخالفة ومعصية فى التاريخ الإنسانى، كان جزاؤه أن يترك جنة الله لذلك كان الإمام الشافعى دائم القول: «الحرية مسئولية، وحريتى تنتهى عندما تبدأ حرية الآخرين».
إن أهم ما فى السعى إلى الحرية هو السعى إلى «التوازن الدقيق» بين الحرية والمسئولية، بين حرية الإنسان وحرية المجتمع، بين حق الفرد وحق القانون، بين سلطة الضمير الإنسانى وبين السلطة الزمنية فى ذلك العصر.
يجب أن نناضل من أجل الحرية ويجب أن نسعى إلى اعتبارها أكسجين الحياة الذى لا بديل عنه من أجل استمرار التنفس الطبيعى.
خير ما قيل عن الحرية هو ما قالته المطربة اللبنانية المبدعة جوليا بطرس: «أنا باتنفس حرية.. ما تقطع عنى الهوا».
أرجوكم لا تقطعوا الهواء.