زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للهند تدخل فى فلسفته وسياسته الأساسية التى يعتمدها، وهى «فلسفة الصفقات».
عقلية المقاول الذى ورث إمبراطورية عقارية من والده كانت وما زالت هى جوهر فكر وحركة وعلاقات ترامب فى الداخل والخارج.
زيارة ترامب للهند التى بدأت أمس، والتى تستغرق يومين، هى لتأكيد علاقة مضطربة بين واشنطن ودلهى منذ أول زيارة لرئيس أمريكى، وهو الجنرال «أيزنهاور» الذى كان أول رئيس يقوم بمثل هذه الزيارة عام 1959.
ثلاثة أمور كانت توتِّر العلاقة بين البلدين:
1- علاقة الولايات المتحدة بباكستان.
2- علاقة الهند بالجارة الصين.
3- نظام التسليح الذى يتعاون مع روسيا والصين ولديه قاعدة صناعات وطنية.
حاولت واشنطن فى عهود «كارتر»، وجورج دبليو بوش، وباراك أوباما أن تبدد القلق الهندى منها، وعقدت اتفاقات للتعاون النووى فى الأغراض السلمية ورفع الميزان التجارى، والتعاون فى مجال البرمجيات والتكنولوجيا فى إقليم «بانجالور» الذى يعتبر وادى التكنولوجيا الشهير.
ويعتبر ترامب أن الهند ذات المليار و339 مليون نسمة، ثانى أكبر تعداد فى العالم، وصاحبة واحد من أكبر الصناديق السيادية فى العالم والعملاق التجارى الصاعد، هى «زبون مرتقب» ومنافس مفيد لكل من الصين وروسيا.
والهند أيضاً هى سابع أكبر دولة من ناحية المساحة، وجارة لكل من باكستان والصين ونيبال وبنجلاديش.
محور التعاون الآن يقوم على مزيد من الترويج للبضائع والصناعات الأمريكية ومنتجات «البنتاجون» فى الهند وتنظيم دخول البضائع والمنتجات الهندية رخيصة الثمن للولايات المتحدة.
ولا بد للعالم العربى أن يراعى أهمية الهند، لإطلالها على المحيط الهندى وبحر العرب، وكونها صاحبة أكبر قدر من العمالة الوافدة فى دول الخليج العربى.
هذا التعاون يتم أيضاً لإرضاء اللوبى اليهودى الصهيونى فى الولايات المتحدة، الذى يرى أفضلية التعاون مع الهند على التعاون مع باكستان.
والعلاقة بين تل أبيب ودلهى دشَّنها رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحق شارون الذى عقد صفقات كبرى للصناعات العسكرية الإسرائيلية مع دلهى، ودعم التعاون فى مجال البرمجيات.
هذه العلاقة الآن تتم بين «أقوى» ديمقراطية وهى الولايات المتحدة، و«أكبر» ديمقراطية فى العالم وهى الهند.
يبدو أننا فى عهد وعصر تصبح فيه العلاقة هى علاقة «مصالح زبائنية» بمعنى علاقة «زبون» بـ«مشترى» أو علاقة «منتج» بـ«مستهلك» بعيداً عن أى مواقف مبدئية أو قواعد أخلاقية أو توجُّه أيديولوجى.
هذه الزيارة التاريخية تستدعى من فلاسفة التنظير فى عالمنا العربى أن يفهموها جيداً ويستخلصوا القواعد الحاكمة فى عالم اليوم.