توقيت القاهرة المحلي 05:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل انتهى الدرس يا.. «بشرية»؟!

  مصر اليوم -

هل انتهى الدرس يا «بشرية»

بقلم: عماد الدين أديب

سوف يكتشف بعض البشر بعد نهاية موضوع الكورونا أن كثيراً من المسلمات التى كان يتعامل بها فى أسلوب حياته، تحتاج إلى إعادة نظر شاملة بشكل جذرى وعميق.

كنا نأكل، ونشرب، ونجلس على المقاهى، ونذهب إلى دور السينما، ونسافر فى المصايف البحرية، ويقضى بعضنا إجازته الفصلية والسنوية فى مشافى ومصايف أوروبا والولايات المتحدة، كنا نفعل كل ذلك بشكل تقليدى روتينى، وكأنه تحصيل حاصل، لأسلوب حياة اعتيادى، بل إن بعضنا كان يعتبره مكرراً، مملاً، لا توجد فيه إثارة أو تجديد!

كنا قبل الكورونا، نعتقد أن الصحة أمر مسلم به، وأن الكشف الدورى الطبى الذى يثبت خلونا من الأمراض، نحن ومَن نحب، هو خير وثيقة ضمان أننا بخير.

كنا نعتقد أننا إذا لم نشك من شىء، فنحن فى أتم صحة وعافية.

كنا نشكو من كثرة الالتزامات الاجتماعية والمجاملات، والزيارات والمعارض والندوات والمؤتمرات، والأفراح، ومشاطرة العزاء على أنها همٌّ ثقيل نود أن يخلصنا الله منه.

كنا نشكو زحام الشوارع، والميادين، والمقاهى والمساجد، والكنائس، ومحطات الأوتوبيس والمترو والقطارات والمطارات.

فجأة ودون سابق إنذار، اكتشفنا بما لا يدع مجالاً للشك، أننا حينما حُرمنا من كل ذلك، كم كانت كل هذه الأشياء والأفعال والمناسبات والأحداث رائعة وجميلة.

فجأة افتقدنا الزحام، والناس، والخروج والضوضاء، وتوتر الحياة، وكثرة المواعيد، وقائمة الواجبات الاجتماعية التى لا تنتهى.

فجأة عرفنا قيمة كل ما كنا نتذمر ونتأذى منه، ونلعن وجوده فى حياتنا.

فجأة أصبحت تفاصيل الحياة ذات قيمة وذات معنى ومغزى.

وفجأة أصبح وجود «الآخر» فى حياتنا حتى لو كان سخيفاً، مزعجاً، شيئاً نفتقده بشدة مهما كان الثمن.

إن شعور الإنسان بفقدان «حق الاختيار»، وضرورة الالتزام بالقرارات الجبرية المقيدة لحريته الخاصة والعامة هو قمة اللوعة والألم لإنسان اليوم.

فجأة حينما أصبحنا أسرى منازلنا، معتقلين داخل غرفنا، ممنوعين من مخالطة الآخر، أى آخر، خوفاً منه علينا، وخوفاً عليه منا، أصبح «هو» له معنى، وأصبح الواحد منا له قيمة عنده! يا أيها الإنسان كم أنت غريب عجيب بداخلك حجم لا نهائى من الكبر والافتراء والطغيان، والجشع بحيث لا تعرف قيمة أى شىء إلا إذا هُددت بشكل فعلى وعملى بالحرمان منه.

أصبحت للحرية قيمة، وللحركة متعة، ولحق السفر والانتقال سعادة، وللاندماج مع الآخر شغف ومحبة.

الشعور بفقدان الاختيار، مقابل أن تصبح مجبراً بقوة القانون وبخطورة الوباء يذكرنا بقول فيثاغورس: «ليس هناك من شىء سهل إلا وصعب عندما تقوم به مجبراً»!

سؤال المليار دولار، الذى لا يملك عالم واحد الآن الإجابة الحاسمة عنه هو: هل بعد انتهاء أزمة هذا الوباء، سنعيد النظر داخل نفوسنا ونفتش فى عقولنا ونطهر أرواحنا بحيث نتعامل مع النفس والغير والكون بشكل مختلف، أم كما جرت العادة سوف يغلب الطبع التطبع وتعود الأخت «ريما» إلى عادتها القديمة؟؟

ذلك كله يذكّرنا ببيت شعر عظيم للشاعر المبدع صلاح عبدالصبور -رحمه الله- حينما وصف إنسان العصر: يالا الإنسان الورقة.. من أول نفخة سقطت!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل انتهى الدرس يا «بشرية» هل انتهى الدرس يا «بشرية»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon