هل أعددنا أنفسنا لو أصبح جو بايدن هو الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية؟
بعد 16 أسبوعاً، هناك احتمال قوى أن يكون مقعد الرئاسة المقبلة للمرشح الديمقراطى «جو بايدن» ويتم إعلان هزيمة المرشح الجمهورى دونالد ترامب.
لو حدث ذلك، فإن الولايات المتحدة والعالم، والعرب، بصراعاتهم الحالية، بملفاتهم المعقدة سوف يواجهون رئيساً جديداً يتبع حزباً مغايراً، يتبنى سياسات مخالفة تماماً لسياسة سلفه الجمهورى.
بايدن «78 سنة» نائب أوباما لمدة 8 سنوات، والنائب عن ولاية ديلاوير منذ العام 1973، هو رجل خبير فى التاريخ والقانون والعلوم السياسية بحكم دراسته وعمله العام والخاص.
رهان العرب جميعهم، باستثناء قطر وعمان على ترامب والحزب الجمهورى، بينما الدوحة ومسقط لديهما خطوط خلفية وعلنية متصلة مع بايدن، وحملته، والحزب الديمقراطى، وحكام الولايات ورجال الكونجرس والنواب المؤثرين فى هذا الاتجاه.
رجب طيب أردوغان، ورجال حزب العدالة والتنمية التركى لهم جسورهم القوية مع الحزب الديمقراطى، والقوى الفاعلة فيه منذ عهدى كلينتون وأوباما.
الاستثمارات القطرية التركية والمشاركات المالية منذ سنوات لا تركز على «مراكز التأثير التقليدية» فى مؤسسات واشنطن العاصمة، لكنها تركز وبقوة على تمويل مشروعات فى ولايات مؤثرة فى الأصوات الانتخابية لدعم حكام ونواب عن طريق إنجاح نفوذهم السياسى، حينما يتم توفير مشروعات أو خدمات تحتاج لعمالة محلية كثيفة، مما يدعم موقف حاكم الولايات أو نائب المنطقة أمام قاعدته الانتخابية.
لو فاز بايدن، فإن ذلك سوف يضع ما يعرف بالعقلاء فى العالم العربى، ومعسكر الاعتدال فى تحد كبير لمصالحهم وعلاقتهم الثنائية مع الولايات المتحدة.
لو فاز بايدن سوف نعود لمنطق «إعادة الربيع العربى» فى المنطقة، ورفع مستوى التدخل الأمريكى فى سياسات المنطقة تحت دعاوى الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية.
لو فاز بايدن فإن ذلك سيكون بمثابة نهاية لحصار إيران، أو إعادة للاتفاق النووى والإفراج عن الأرصدة المصادرة، وعودة للغطرسة الإيرانية فى المنطقة.
لو فاز بايدن سيتم إغلاق العين الأمريكية الثانية عن مغامرات رجب طيب أردوغان فى المنطقة وشرق المتوسط، من الموصل حتى إدلب، ومن أرمينيا حتى ليبيا.
لو فاز بايدن لا حصار تجارى ولا عقوبات ولا رسوم جمركية على الصين واليابان والاتحاد الأوروبى وكوريا الجنوبية.
لو فاز بايدن سوف تكون تل أبيب وأنقرة وطهران أهم «مفاتيح الحركة السياسية»، أمريكياً فى منطقة الشرق الأوسط.
لو فاز بايدن، من الممكن أن تعود السياسة الأمريكية للحديث عن مشروع الدولتين فى فلسطين وإسرائيل، وتعود مساعدات واشنطن لمنظمة «الأونروا».
لو فاز بايدن، سيتم تقليص مكاسب الرأسمالية الأمريكية المتوحشة، وسوف ينخفض نمو سوق المال الأمريكية، ويتم إحياء سياسات الدعم الاجتماعى التى يتبناها تقليدياً الحزب الديمقراطى، وأهمها مشروع «أوباما كير».
لو فاز بايدن سوف يتم رأب الصدع بين شاطئى الأطلنطى، وتتحسن علاقات واشنطن مع الاتحاد الأوروبى وتحديداً مع فرنسا وألمانيا، وتبقى العلاقة مع بوريس جونسون محل تساؤل كبير.
التساؤل عن احتمالات فوز «بايدن» هو -الآن- سؤال مشروع ومستحق وواجب الطرح بناء على مؤشرات رقمية وإحصائيات توحى بإمكانية فوزه، إذا استمر فى تقدمه المطرد فى استطلاعات الرأى العام حتى تاريخ الاقتراع بعد 16 أسبوعاً.
وفى استقصاء أخير لقناة السى. إن. إن حول المنافسة بين ترامب وبايدن أظهرت الأرقام تفوق بايدن على منافسه بنسبة 51٪ من الأصوات الخاصة بالناخبين المسجلين على مستوى الولايات المتحدة.
وتقول المؤشرات إنه خلال الأسابيع التسعة الأخيرة، أى مع تدهور ملف الكورونا، واندلاع تظاهرات الاحتجاج على عنصرية الشرطة، فإن الخط البيانى يسير بشكل متصاعد لصالح بايدن وينخفض بشكل مقلق ضد ترامب.
هذا الوضع أدى إلى قيام الرئيس الأمريكى بإقصاء مدير حملته الانتخابية الحالى والاستعانة بنائبه فى الحملة.
أنصار ترامب يشككون فى إحصاء الـ«سى. إن. إن» تحت دعوى أنها قناة غير محايدة تجهر بعدائها الفاضح لترامب، وذكرونا وذكروا الجميع بالإحصائيات التى صاحبت حملة هيلارى كلينتون فى معركة رئاسة 2016، وكانت كلها تبشر بفوز هيلارى بشكل مريح للغاية.
أسوأ ما فى انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هو أننا فى العالم العربى نجلس مثل ذلك الذى ينتظر فى ردهة المستشفى، بانتظار أن يعرف نتيجة ولادة سيدة حامل وهو بلا حول ولا قوة.
فى الحالتين سواء كان المولود أنثى أو ذكراً! ففى الحالتين هو من سيدفع فاتورة المستشفى، رغم أنه لا يمت بأى صلة للمولود الجديد!