توقيت القاهرة المحلي 09:23:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أخطر ما فى «كورونا»: عدم تصديق أرقامه!

  مصر اليوم -

أخطر ما فى «كورونا» عدم تصديق أرقامه

بقلم: عماد الدين أديب

هناك أزمة مصداقية فى بيانات الجهات الرسمية فى عالمنا العربى حتى لو كانت صادقة مائة فى المائة!

تاريخ الحقيقة فى العقود الأخيرة فى عالمنا العربى مؤلم وسيئ وكاذب.

المصداقية هى عبارة عن «تراكم من الخبرات» التى تبعث على الثقة، لذلك يصبح من الصعب أن يصدقنا أحد بعد مئات الأكاذيب.

كيف يصدقنا الناس فى العالم العربى ونحن نسمى الهزيمة نصراً، ونسمى غزو الجيران تطبيقاً لاتفاقية الدفاع المشترك، ونسمى بيع الأوطان صفقة، ورفع الأسعار على البسطاء تعديلاً طفيفاً فى تحمل تبعات تكاليف الحياة، ونسمى سرقة المليارات «بعض التجاوزات المالية»؟!

فى زمن السماوات المفتوحة، وشيوع وسائل التواصل الاجتماعى، وسيادة الخبر اللحظى الذى يخترق كل الأسوار فى أى زمان ومكان، لم يعد ممكناً تزوير الحقائق، وبيع الأوهام، وصناعة الأكاذيب على الرأى العام المسكين.

خطورة حالات الكذب الدائم، وبيع الأكاذيب بشكل مستمر، أنها مثل السحب المستمر من رصيد البنك دون أى إيداع، سوف يؤدى فى لحظة ما، طال الزمن أو قصر، إلى تصفير الحساب وإعلان إفلاس صاحبه.

اليوم يعانى كثير من الأنظمة فى العالم الثالث من أزمة المصداقية فى أزمة انتشار وباء فيروس الكورونا.

اليوم، تأتى لحظة تحصيل فاتورة المصداقية أو الكذب على الرأى العام.

جزء أساسى فى التعامل مع الكورونا هو تعاون الرأى العام واستجابته للتعليمات والإرشادات التى تأتى من أجهزة الدولة.

حينما كذب البعض بشكل تكرارى على مر عقود زمنية طويلة، ضاعت الثقة عند الرأى العام، وأصبحنا الآن لا أحد يثق فى مدى شفافية الجهات الرسمية وأرقامها حول عدد الوفيات أو الإصابات.

قد تكون آثار الكورونا بسيطة أو قليلة بالنسبة لتعداد السكان، وقد يكون انتشارها فى بعض الدول محدوداً، أو الإجراءات والاحتياطات سليمة ومؤثرة وتحت السيطرة، لكن الناس -للأسف- غير مصدقين، ويشكون فى كل حرف رسمى وكل بيان حكومى.

تكرار الكذب الرسمى يؤدى إلى نفاد رصيد الثقة لدى الرأى العام.

بناء الثقة بين الناس، أى ناس، والسلطات، أى سلطات، هو عمل تراكمى يقوم على تكرار تطابق التصريح مع الواقع والبيان الرسمى مع الحقائق، ويقال إن إيطاليا كانت الأكثر شفافية فى هذا المجال، إلى حد أنها بدأت بعزل مدينة، ثم عدة مدن، ثم منطقة، حتى وصلت إلى فرض عزل طبى لدولة بأكملها دون أى مجاملة أو خجل للتعامل المسئول مع حجم الأزمة.

هذه الأيام تقرأ وتسمع وترى أرقاماً وإحصائيات وبيانات حول الإصابات والوفيات والتداعيات لفيروس وباء كورونا على مستوى العالم ومستوى دول المنطقة.

حتى لحظة كتابة هذه السطور (سوف تزيد بعد طباعة ونشر هذه الجريدة) تقول الإحصائيات التى بين يدىّ إن مجموع تأثير الوباء على مستوى العالم حتى الآن هو 114 ألف مصاب على مستوى العالم، أغلبهم فى الصين، والإصابة لا تعنى أن هناك حالة تم اكتشافها، لكن الخطر هو المصاب الذى لا يعرف ويخالط الناس، والاكتشاف المبكر للإصابة يمكن أن يؤدى إلى الشفاء.

السؤل هو: من يصدق هذه الأرقام، سواء كانت صحيحة أو كاذبة؟

أخطر ما فى ملف كورونا 3 أمور:

1- أنه فيروس خارج عن السيطرة.

2- لم يتم اختراع مصل مضاد له.

3- معظم الناس فى هلع لأنهم لا يصدقون ما يقال عنه.

مثلاً فى الصين لا أحد قادر على تصديق كلام السلطات الصينية عن أن تأثير كورونا فى إقليم «ووهان» الصناعى فقط، وأن باقى المناطق فى الصين سليمة؟

حتى أرقام التداعيات الاقتصادية حول خسائر البورصات والأسواق المالية، من يصدق أننا وصلنا إلى قاع الهبوط فى المؤشرات، وأن الهبوط ما زال مستمراً؟

من يصدق أن العملات الأساسية لا تعيش تحت ضغط مستمر؟ ومن يصدق أن سعر برميل النفط الذى هبط من 65 دولاراً إلى 55 إلى 46 إلى 42 وأخيراً إلى 35 لن يصل إلى 20 دولاراً للبرميل؟

تدعو السلطات فى العالم إلى قيام البعض بعزل أنفسهم طوعياً لمدة لا تقل عن 15 يوماً فى المنازل، وعدم إقامة الاحتفالات أو المباريات أو الندوات أو المعارض أو المصانع ذات العمالة الكثيفة.

حتى السجون المزدحمة فيها أزمة، ومعسكرات الأمن والجيش ومراكز الإطفاء والدفاع المدنى والإسعاف التى تستدعى الحشد والتجمع والعمل الذى يتجمع فيه الناس أصبح عزلها ضرورة. هذه الضرورة الإلزامية تهدد العالم بكساد مخيف غير مسبوق، يؤثر على الإنتاج من ناحية ويقلل الاستهلاك، مما يضعف المدخرات الخاصة ويضرب الناتج الإجمالى العالمى ضربة مخيفة.

بعد احتراف الكذب السياسى، من يمكن أن يصدق أرقام وزارة الصحة الإيرانية حول الوفيات والإصابات؟

فى فيروس الكورونا، كيف يصدق الناس فى العراق بيانات الحكومة، ولديهم خبرة التعامل مع بيانات كاذبة ومضللة حول ضحايا التظاهرات الأخيرة.

فى لبنان كيف يصدق الناس بيانات الحكومة عن الكورونا وهم لا يعرفون حتى الآن أى رقم صحيح عن الاحتياطى النقدى فى المصرف المركزى، ولا قيمة إجمالى ودائع البنوك؟

وفى تركيا كيف يصدق الناس أرقام ضحايا الكورونا والرأى العام لا يعرف بالدقة أرقام القتلى والمصابين فى العمليات العسكرية فى إدلب بسوريا وطرابلس بليبيا؟

وفى اليمن كيف يمكن أن يصدق الناس الهيئات الصحية التابعة للحوثيين المدمنة على الكذب؟

لن تصدقوا أنه منذ 4 سنوات أذاع التليفزيون الكورى الشمالى خبراً يقول إن فريق كرة القدم الرسمى قد فاز ببطولة العالم فى اللعبة رغم أن كوريا لم تكن مؤهلة، ولم تشارك فى أى مرحلة من مراحل تصفيات كأس العالم!

هؤلاء، الآن، كيف يصدقون أن بلادهم خالية من أى إصابة بالفيروس؟

أسوأ أنواع الإفلاس هو إفلاس رصيد الثقة بين الحاكم والمحكوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخطر ما فى «كورونا» عدم تصديق أرقامه أخطر ما فى «كورونا» عدم تصديق أرقامه



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon