فوز الرئيس دونالد ترامب بفترة رئاسة ثانية ليس مجرد «تحصيل حاصل» لمعركة مضمونة مائة فى المائة.
سلوك الرئيس ترامب يدل على «قلق كامن» بداخله لعدة أمور:
1- وجود انشقاق داخل بعض قيادات الحزب الجمهورى ضد بعض سياساته الداخلية والخارجية.
2- ارتفاع منسوب العداء له داخل أروقة مجلسى الشيوخ والنواب اللذين تحولا فى الانتخابات التشريعية الأخيرة إلى كتلة تصويتية غير مضمونة.
3- عدم تحقيق نجاحات واضحة فى معاركه الكبرى مع كوريا الشمالية، الصين، اليابان، صفقة القرن، وأخيراً مع إيران.
4- ظهور ما يسمى بعامل «جو بايدن»، نائب الرئيس الأمريكى السابق فى عهد الرئيس باراك أوباما، كأكثر المرشحين المحتملين عن الحزب الديمقراطى، وهو سياسى مخضرم له شعبيته وقواه المادية الداعمة لحملة انتخابه والتى وفرت له فى الأيام الأولى.
وما زال ترامب، حتى الآن، هو الأكثر قدرة على الحصول على تبرعات شعبية من مؤيديه حيث حقق رقماً غير مسبوق وهو 25 مليون دولار فى ظرف 24 ساعة.
بالمقابل جمع منافسه المرشح الديمقراطى المحتمل جو بايدن 6٫3 مليون دولار، والنائب بيرنى ساندرز 5٫9 مليون دولار.
اختار ترامب تبكير موعد الإعلان الرسمى لحملته الانتخابية بنحو أكثر من مائة يوم مما يعكس ذلك «القلق الكامن» الذى ذكرناه.
واختار ترامب أن يبدأ المعركة الرئاسية فى ولاية فلوريدا، التى تعتبر معقلاً قوياً له ومركزاً تقليدياً لقوى الحزب الجمهورى.
بعد الإعلان عن بدء الحملة الانتخابية الرئاسية لترامب علينا أن نفهم جيداً أمراً لا لبس فيه وهو أن كل قرار، وكل تصريح، وكل موقف داخلى أو خارجى للرجل، سوف يكون محكوماً مائة فى المائة بأولوية واحدة وهى كيفية تأثير هذا القرار على نجاحه فى الانتخابات.
لن يأخذ ترامب أى مخاطرات ويقامر بموقعه فى الحزب أو شعبيته فى الشارع، وأيضاً لن يسلم نفسه على مائدة من ذهب خالص لمنتقديه الأشاوس فى الحزب الديمقراطى المعارض الذى يتحين أى خطأ أو خطيئة للتشكيك فى قراراته أو مدى نجاحه فى السياسات التى أعلن عنها، أو الوعود التى وعد بها.
ومما يزيد «الطين بلة» ويعقد موقف الرجل أنه رغم وجود 53 رئيساً سبقوه فى تاريخ البيت الأبيض حتى الآن لم يحظَ أى رئيس أمريكى بحالة من العداء الشخصى مع وسائل الإعلام ولم يشتبك بشكل شخصى مباشر مع هذا العدد الهائل من الشخصيات العامة.
الخطر الأكبر على ترامب هو ترامب نفسه حينما ينفرد بنفسه ويصدر تغريداته اليومية الخارجة عن السيطرة والتى قد تكون -فى أكثر الأحيان- مناقضة تماماً لتوصيات كبار مساعديه.
إنه صيف ساخن فى واشنطن، وعلينا أن ننتظر حتى فبراير حتى يسطع قمر مؤشرات أداء المنافسين فى سماء العاصمة الأمريكية.
باختصار، نحن أمام رئيس خارج السيطرة يشعر بغطرسة قوة شعبيته وقدرته على التمويل لحملته وسط جو عدائى مشحون ضده من أقطاب حزبه ومعارضيه والإعلام.
من هنا يصبح كل قرار مقبل انتخابياً بامتياز.