نحن الآن نعيش مرحلة «تصعيد التصعيد» فى الشرق الأوسط بين أطراف الصراع!
حتى الآن الجنون فى حالة تعقل، والنيران فى حالة عدم انفلات، والتصريحات ساخنة لكن محسوبة بدقة، ولكن لا أحد يعلم إذا كان ذلك كله سيدوم؟ وإلى متى؟ وبأى ثمن؟ ومن الذى سيدفعه؟
قواعد اللعبة الآن من طرفى الصراع (الأمريكى من ناحية، والإيرانى من ناحية أخرى) تعتمد على المعادلة التالية الجديدة:
1- الأمريكى: تشديد التشديد فى العقوبات.
2- الإيرانى: تشديد الرفض للتفاوض، مع اشتراط العودة فى ظل تعهد الأمريكيين بتقديم «حوافز» حسب الوصف الإيرانى.
الأمريكى يريد مفاوضات تحت ضغط العقوبات، والإيرانى يريدها أن تبدأ - سلفاً - منزوعة العقوبات.
آخر ضغوطات البيت الأبيض سلسلة إجراءات مالية عقابية ضد أهم شخصيات سياسية تشمل المرشد الأعلى الإيرانى، إلى وزير الخارجية جواد ظريف، وصولاً لبعض الشخصيات المؤثرة.
فى رأيى المتواضع أن أهم ورقة ضغط ستقوم بها الولايات المتحدة الآن هى تشكيل إطار دولى قانونى يسمح بتشكيل قوة بحرية عالمية تسيطر تماماً على حرية الملاحة ذهاباً وإياباً فى بحر العرب وتضمن التأمين الكامل لحركة الناقلات والبضائع والأفراد فى المضايق، وبالذات «هرمز».
فى حال حدوث ذلك وبكفاءة، تكون واشنطن قد جردت طهران من أهم عنصر ضغط استراتيجى مؤثر لديها.
التصور الأمريكى الذى حمله المبعوث الأمريكى الخاص بالشأن الإيرانى فى المنطقة يعتمد على المبادئ التالية:
1- الضغط المستمر على إيران اقتصادياً.
2- استمرار تأمين وتسليح دول المنطقة الحليفة.
3- تشكيل قوة حماية بحرية إقليمية ودولية تضمن تأمين حرية الملاحة فى بحر العرب ومضيق هرمز.
4- ضبط النفس الإقليمى تجاه محاولات طهران جر واستدراج دول المنطقة وقوات القوى الدولية المرابطة بحرياً وبرياً فى المنطقة إلى عمليات عسكرية محدودة أو واسعة بحيث يصبح المسار الوحيد هو التفاوض.
هنا تصبح اجتماعات قمة العشرين المقبلة هى مناسبة بالغة الأهمية لتشكيل تفاهمات إقليمية ودولية حول مشروع تدويل حماية الملاحة فى الخليج.
وينتظر أن يكون حضور ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان فى هذه الاجتماعات فرصة بالغة الأهمية لتنسيق المواقف مع زعماء هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا التى لها وجود بحرى فى المنطقة ككل.
والذى تسرب عن الجلسة المغلقة التى عقدها مجلس الأمن الدولى فى نيويورك أمس الأول لمناقشة السلوك الإيرانى فى المنطقة كان الجدل حول شكل القرار الدولى لحماية الملاحة البحرية وتدويلها وتجنب أى فيتو روسى أو صينى حولها.
وفى أبوظبى، سمع وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو من ولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد كلاماً صريحاً وواضحاً أن الإمارات ترفض تماماً ذلك العبث الإيرانى بأمن المنطقة وأن بلاده التى تمارس ضبط النفس فى هذه الظروف لن تدخر أى جهد من أجل الحفاظ على أمنها وأمن المنطقة.
والملاحظ فى تصريحات بومبيو الذى أيد ضرب جيش بلاده لإيران ثم عاد وأيد علناً إلغاء الضربة فى ذات اليوم، أنه أكثر من استخدام مصطلح «علينا أن نستمر فى مراقبة» إيران.
ويبدو أن الجهد الأمريكى الآن هو «الضغط» مع استمرار «المراقبة» لمعرفة إلى أين سوف ترسو «بارجة التصعيد الميليشيوى الإيرانى»؟
دعونا ننتظر.