توقيت القاهرة المحلي 03:51:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سد النهضة: معركة النفس الطويل جداً!

  مصر اليوم -

سد النهضة معركة النفس الطويل جداً

بقلم: عماد الدين أديب

على مقهى فى عاصمة عربية، وبينما كنت على وشك الانتهاء من شراب الليمون بالنعناع المثلج وطلب فاتورة الحساب، تقدم من طاولتى شاب خليجى عرّفنى بنفسه، واستأذن أن يجلس معى لبضع دقائق قائلاً: «أنا من عشاق مصر، فهناك تعلمت فى مدارسها وعشت بها مع والدتى مصرية الأصل».

رحبت به، ودار بيننا الحوار التالى:

الشاب: يا أستاذ أنا قلق على أم الدنيا؟

العبدلله: لماذا؟ مصر بخير والحمد لله يا عزيزى.

الشاب: أنا طالب هندسة تخصص هيدروليكا المياه، لذلك أشعر بقلق شديد.

العبدلله: تقصد ما حدث فى مفاوضات سد النهضة؟

الشاب: بالضبط، السلوك الإثيوبى بعدم الحضور للتوقيع النهائى ينذر بأمور خطيرة.

العبدلله: يصعب على إثيوبيا الامتناع الكامل عن التوقيع، ويبدو أن هذا تكتيك تفاوضى يستخدم فى اللحظة الأخيرة للضغط من أجل تحسين بعض بنود الاتفاق النهائى.

الشاب: أخشى أن يكون موقفاً نهائياً، بمعنى أن يكون موقف حكومة أديس أبابا هو عدم التوقيع، وخلق أمر واقع وبدء ملء السد.

العبدلله: هذا مخالف لاتفاق عام 2015، الذى وقّعت عليه إثيوبيا وينص على عدم قيامها بملء السد إلا بعد الاتفاق النهائى على كافة النقاط التقنية ومنها حجم الملء، وتوقيتاته، وحصص الطرفين المصرى والسودانى.

الشاب: أخشى أن يكون سلوكهم متعمداً من أجل الإضرار بالمشروع المصرى الناجح للإصلاح الاقتصادى.

العبدلله: عندك حق فى مخاوفك، لأن حرمان مصر من حقها العادل فى المياه هو عمل شرير ضد مصالح مصر العليا، وضربة موجعة للأمن القومى المصرى.

الشاب: كيف؟

العبدلله: تخيل -لا قدر الله- لو حدث ذلك، فإنه سوف يؤثر بالضرر العظيم على البلاد والعباد والأراضى الزراعية، ومصادر الطاقة المائية، والإنسان والحيوان، ويجعل مصر بلداً يعانى من الفقر المائى والشح فى الطاقة.

الشاب: إذن، ما العمل؟ وما البدائل؟

العبدلله: هذه الأمور لا تحتمل الاستفزاز وتحتاج إلى النفس الطويل والحكمة فى إدارة الأزمة.

الشاب: إذن، ماذا ستفعلون؟

العبدلله: ما زال هناك أمل فى المفاوضات، وما زلنا ننتظر رد الفعل الرسمى الأمريكى، لأن واشنطن ترتبط بعلاقات مركزية مع أديس أبابا، ولا تنسَ أن الأمريكان كانوا شهوداً على كافة تفاصيل مسودة الاتفاق.

الشاب: ولكن رئيس الوزراء الإثيوبى لم يلق اعتباراً للدور الأمريكى.

العبدلله: لا تنسَ أن رئيس الوزراء لديه مشاكل فى تركيبة الحكم الداخلية، فهو أول رئيس وزراء مسلم، وهو يمثل اتجاهاً عرقياً قبلياً له من يعارضه، ويعمل فى ظل نظام ديمقراطى غير ناضج ومخترق من مصالح أجنبية.

الشاب: إذن، ما البديل؟

العبدلله: هناك بديل الشرعية الدولية وتحريك مجلس الأمن تحت دعوى أن الامتناع الإثيوبى يهدد السلم والأمن الدوليين، وهناك إمكانية للتحويل من مجلس الأمن إلى محكمة العدل الدولية، وهو إجراء ملزم لكافة الأطراف، وقراراته ستكون ملزمة لأديس أبابا، وإلا تخضع لعقوبات دولية، ولا تنسَ أن دولاً مثل السعودية والإمارات ترتبط بمصالح قوية مع إثيوبيا يمكن استخدامها عند الحاجة.

الشاب: ما زلت تفكر بعقلية السياسة والحكمة دون القوة.

العبدلله: يجب الانتباه أن هناك عملاً دؤوباً لاستدراج مصر إقليمياً من اليمن إلى إيران، ومن شرق البحر المتوسط إلى البحر الأحمر، ومن ليبيا إلى إثيوبيا لمواجهات، لتعطيل مشروع النهضة، لذلك يجب ألا نبتلع الطعم.

الشاب: وهل يمكن أن يأتى ذلك بنتائج؟

العبدلله: دعنا نستنفد كل الوسائل قبل أن نصل إلى مواجهات الضرورة.

ودّعنى الشاب وهو مستغرق فى التفكير، داعياً الله أن أكون على صواب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سد النهضة معركة النفس الطويل جداً سد النهضة معركة النفس الطويل جداً



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon