قُضى الأمر! حسم الجيش الجزائرى موقفه، اختار الشعب لأنه اختار تاريخ وسمعة المؤسسة العسكرية الجزائرية.
لا يمكن لجيش يضم 560 ألف جندى وضابط ويعتبر أحد أضخم الجيوش ذات القوات البرية فى المنطقة، وصاحب تاريخ تحرير البلاد والعباد من طغيان الاحتلال الفرنسى، أن يضع مصالحه فى خطر بسبب أى شخص كائناً من كان حتى لو كان الرئيس الذى يشغل منصب وزير الدفاع.
هكذا هو درس التاريخ، المؤسسة أهم من الفرد، ورضاء الشعب هو الأساس فى استقرار الحكم، أى حكم.
وفى خطابه، أمس، حسم الفريق أحمد قايد صالح، رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع، والرجل القوى الحاسم فى قيادة الجيش، اختياراته بعمق وصراحة ووضوح لا يرقى إليه الشك:
1- أكد ضرورة رحيل الرئيس فى أسرع وقت.
2- وصف الدائرة المحيطة بالرئيس المستقيل «بالعصابة» وبدأ فى منع سفر أهم رموزها وإحالتهم للتحقيق.
3- أكد وجود «مؤامرات وتحركات مشبوهة ضد الإصلاح والتغييرات المنشودة»، مؤكداً أنه مع حماية الدستور ضد ما سماه «القوى المعطلة للإصلاح لمصالح خاصة».
4- أعلن أنه يصطف ويقف مع الناس والتغيير وليس مع النظام السابق والجمود وبدأ تسريب معلومات عن رغبة الجيش فى محاكمة الفساد السابق.
وهكذا اتضح للجميع أن المؤسسة العسكرية هى بالدرجة الأولى القوى المرجحة فى الواقع والمستقبل السياسى القريب للجزائر.
كلام رئيس الأركان الأخير وما سبقه يعنى أن الجيش يمسك بزمام الأمور، يوجهها، يديرها، ولن يقبل بأن يتجاوزه أحد أو يتجاهل إرادته أو يقدم على اتخاذ تدابير فعلية مناقضة لرؤيته.
ذلك يضعنا أمام عدة سيناريوهات يمكن تحديدها على النحو التالى:
1- السيناريو الأفضل للجيش وهو سير خارطة الطريق كما يريد، بمعنى تنفيذ المادة 102، وقيام رئيس مجلس الأمة بإدارة شئون البلاد، وعمل حكومة تسيير أعمال، ثم إجراء انتخابات رئاسية بعد 90 يوماً، إما أن تأتى برئيس يطمئن له الجيش أو من الجيش بشكل مباشر.
2- السيناريو الأفضل للمعارضة المتشددة هو عمل دستور جديد يقلم أظافر وحقوق الجيش والنظام السابق والدولة العميقة وبدء حركة تطهير ومحاكمة لكل رموز النظام السابق.
3- السيناريو الأفضل لمشروع الدولة المدنية، هو وجود رئيس مدنى من القوى السياسية عبر انتخابات نزيهة وحرة وسليمة ودستور متوازن مع وقوف الجيش كمراقب على الحياد.
الوضع فى الجزائر إما أن ينفرج أو يتأزم وفى الحالتين سيكون للجيش الدور الحاكم والحاسم فى ضمان الانفراج أو حسم الأزمة لمنع الفوضى.