بقلم-عماد الدين أديب
ترى الفلسفة الفوضوية أن الدولة هى مشروع غير مرغوب فيه، وأن «الدولة فى ظل الرأسمالية هى تكريس لأصحاب المصالح الذين يقفون بحكم مصالحهم ضد أى رعاية أو تكافل اجتماعى».
ومن وجهة نظر الفلسفة الفوضوية، فإن النظام الرأسمالى «غير ضرورى وضار وغير إنسانى».
من هنا يمكن فهم أو تفسير حالات الاحتجاج والتظاهر التى تبدأ لأغراض نبيلة وسلمية وتنتهى «عدمية وشريرة وذات آثار تخريبية».
بدأت فرنسا الخطوة الأولى نحو تسخير وإرساء قواعد الثورة على دور الدولة فى الجباية وتحصيل رسوم وموارد من المواطنين، مقابل تغطية كلفة المطالب الاجتماعية.
من هنا خرجت حركة «السترات الصفر» وانتهت بجرحى ومعتقلين وخسائر مادية وفوضى وتخريب وتراجع عن الإصلاحات من قبل الحكومة ونظام إيمانويل ماكرون.
وانتقلت الفوضى من باريس إلى بقية المدن، ومن فرنسا إلى بلجيكا.
واليوم تم الإعلان فى تونس عن تكوين جمعية «السترات الحمر» من أجل الاحتجاج على ارتفاع كلفة الحياة والاحتجاج على سياسات الحكومة الحالية.
ولا ننسى أن الأردن شهد منذ أشهر احتجاجات لنفس الأسباب أدت إلى استقالة الحكومة وتكوين حكومة جديدة، واليوم تعانى هذه الحكومة من حالات عدم الرضا والغضب على إجراءات الحكومة.
وفى بغداد والبصرة، خرجت مظاهرات قوية وغاضبة ضد سياسات الحكومة العراقية، بالنسبة لرفع الأسعار، والتقصير فى توفير الخدمات الأساسية للمواطنين والطبقات غير القادرة والمحرومة.
والنار تحت الرماد فى عشرات العواصم والمدن.
عدوى السترات الصفراء فى باريس سوف تنتشر حول العالم المأزوم الذى يعانى من ارتفاع تكاليف الحياة والخدمات الأساسية ونقص المداخيل السيادية واضطراب الناتج القومى.
نحن نعيش فى عالم دخله بلغ 86 تريليون دولار خلال العام الماضى، مقابل عجز يبلغ 276 تريليون دولار.
إن الهوة السحيقة بين الدخل والنفقات، وبين التطلعات والواقع، وبين الإصلاح الضرورى والألم الفورى كلها هى أكبر تحديات المجتمعات التى كانت تعانى وما زالت تريد أن تتوقف عن المعاناة!!
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع