ماذا يعنى أن يتولى رئاسة الحكومة البريطانية الآن رجل يرى فى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مثله الأعلى فى السياسة؟
بوريس جونسون معجب بدونالد ترامب، و«دونالد» -هو الآخر- يرى أن من أعظم التحولات الإيجابية فى أوروبا المعاصرة هى مسألة فوز «بوريس» برئاسة الحكومة البريطانية.
العلاقة الأنجلوساكسونية على مدار التاريخ وعلى جانبى الأطلنطى توجت نفسها دائماً على مدار التاريخ بعلاقة تعاون وترابط غير مسبوقة مثل علاقة روزفلت - تشرشل، أيزنهاور - تشرشل، تاتشر - ريجان، كلينتون - تونى بلير، بوش - ميجور، أوباما - كاميرون.
هذه العلاقات الحديدية كانت سبباً فى فوز الغرب على النازية، والتصدى للاتحاد السوفيتى وقيام حلف الأطلنطى، وارتفاع الميزان التجارى بين بريطانيا والولايات المتحدة بشكل متصاعد ودائم لا يعرف هزات.
يأتى بوريس جونسون إلى الحكم، وكأنه مرشح دونالد ترامب لرئاسة حكومة المملكة التى غابت عنها الشمس فعلياً وانتهت «شعبوياً»، لاستعادة الدور والتأثير والمكانة.
بوريس جونسون معجب بشكل علنى بسياسات «ترامب» فى خفض الضرائب على الأثرياء، وأن تكون كلفة العلاج مساوية لقيمته الحقيقية، ومع سياسات «ترامب» الحمائية فى التجارة والرسوم الجمركية، ومع «ترامب» فى تأسيس علاقات بلاده الخارجية على مبدأ «المصلحة والمنفعة المباشرة» وليس على منهج «المبادئ والأيديولوجيات والالتزامات الجامدة».
تركيبة حياة بوريس جونسون غريبة عجيبة؛ فهو من مواليد مدينة نيويورك، من أصول تركية، إنجيلى المذهب، تنقل بين أكثر من 30 منزلاً فى نشأته وصباه، حينما كان فى رعاية والده السياسى والوزير الأسبق، وتربى فى مدرسة «إيتون»، حيث نشأ بين أبناء طبقة الأرستقراط المحافظين.
تجربة «بوريس» كنائب فى البرلمان عن منطقة روزليب ومنطقة هينلى وعمدة للندن ووزير للخارجية وزعيم لحزب المحافظين وانتمائه لتيار يمين الوسط (تيار الأمة الواحدة) فى حزب المحافظين وارتباطه بالتيار الليبرالى، تجعله «تركيبة خاصة» فى عالم السياسة البريطانية.
من ثقافات بوريس جونسون أنه ضد الحرب مع إيران، ومع حسن العلاقة مع روسيا، ومع الاتحاد مع الولايات المتحدة، ومع تفهم حرب اليمن، وعدم مضايقة السعودية.
خبرات بوريس جونسون المتعددة تؤهله للحصول على مزيج من: معرفة العالم، والدبلوماسية، والنشاط الحزبى، والعمل الجماهيرى، وشئون المحليات حينما كان عمدة لمدينة لندن لمدة 8 سنوات.
كل ذلك يمارسه بوريس جونسون من خلال 4 مرتكزات:
1- شخصيته المثيرة للجدل، الانفعالية، الانطباعية، الشعبوية، التى ترى فى نموذج دونالد ترامب مثالاً يحتذى به.
2- انتماؤه تاريخياً وحزبياً لتيار يمين الوسط.
3- تراكم خبراته فى الوظائف العامة.
4- طموحاته التى لا حدود لها فى أن يكون الزعيم المجدد للحزب، والبلاد، والإمبراطورية.
لا أحد يعرف بالضبط «العمر المتوقع لحقبة جونسون» السياسية.
بعض الناس يتخوفون أن يكون الرجل أقصر رؤساء حكومات بريطانيا المعاصرين فى الحكم لاحتمال دخول البلاد، نتيجة «معضلة البريكست» المستحيلة، إما فى إجراء انتخابات مبكرة تطيح بحزبه أو استفتاء جديد يقلب المعادلة على رأس الجميع.