توقيت القاهرة المحلي 19:14:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تحول الأصدقاء إلى أعداء؟!

  مصر اليوم -

كيف تحول الأصدقاء إلى أعداء

بقلم : عماد الدين أديب

لو هناك موسوعة حديثة بعنوان «كيف تحوِّل الأصدقاء إلى أعداء بدون معلم»، فإن العالم العربى وجهاز البيروقراطية فيه هو أفضل من يكتبه بعبقرية واقتدار!!

نحن نحصل على بطولة العالم فى كيفية اختراع منغصات وعناصر مضايقات بيروقراطية تجعل الأصدقاء قبل الأعداء يكرهون «عيشتهم» ويكفرون -والعياذ بالله- بالدولة والوطن والحياة.

كان نيكولو مكيافيلى فى كتابه «الأمير» ينصح الحاكم: «حافظ على أصدقائك، وحاول دائماً أن تكسب أعداءك».

يخطئ من يعتقد أن أقسى أنواع الضغط فى دول العالم الثالث هو الضغط الأمنى، بينما النظرة العميقة لمجريات الأحداث فى تجارب العالم الثالث هى أن أسوأ أنواع الاضطهاد والتمييز هى حالات «القهر البيروقراطى» والظلم الإدارى الذى يستنزف أى أمل أو حلم لدى الناس فى حياة أفضل وغدٍ مشرق.

تستيقظ كل صباح تجد ورقة من جهة رسمية فيها ادعاء خاطئ ضدك أو ضد أحد من عائلتك أو ضد أى مصلحة من مصالحك الخاصة.

مثلاً تأتيك فاتورة كهرباء خيالية رغم أنك خارج البلاد منذ شهور.

مثلاً يأتيك تقدير ضرائب عن أعمال لم تعملها وأرباح لم تجنها.

تجد ورقة صغيرة مكتوبة بخط غير مقروء بتاريخ اليوم تدّعى أنها تنذرك للمرة الأخيرة للمثول للتحقيق لقيام سيارتك بصدم طفل رغم أنك لا تملك سيارة ولا تعرف القيادة!

تذهب إلى البنك كى تسحب مالاً من حسابك الشخصى فتجده مجمداً ثم تكتشف أن ذلك يرجع إلى تشابه أسماء مع شخص آخر وعليك أن تثبت «أنك» لست «هو»، و«هو» ليس «أنت»، وهذا يحتاج محامياً، ومالاً، و3 شهور على الأقل!

تجد الحياة صعبة وشبه مستحيلة وتجد نفسك فى حالة صراع مع أشباح لا تعرف من هم، ولا تفهم لماذا يضايقونك وتزداد لديك كل أشكال «فوبيا» الشعور بالمؤامرة الكونية!

فجأة تشعر وكأن هناك مجموعة من البشر ليس لديهم أى هم سوى أن «يكرّهوك فى عيشتك»، ويجعلوا التنفس تحت سقف الوطن أمراً مستحيلاً ومؤلماً!

تذهب إلى مستشفى حكومى لتعالج ابنتك فلا تجد سريراً لها، وحينما تجد لا يتوافر الدواء، وإذا توافر تجده منتهى الصلاحية.

تحاول إلحاق ابنك بمدرسة حكومية فتكتشف أنه لا يوجد مقعد له فى فصل من الفصول، وحينما «تدفع» من تحت الطاولة ويجدون له ذلك المقعد تكتشف أن التعليم ليس مجانياً وأن فاتورة الدروس الخصوصية أكثر كلفة من فاتورة المدرسة الخاصة.

يتعرض ملايين الناس لمثل هذه الأفعال العدائية ضدهم بشكل يومى، وحينما يصبح ذلك «أسلوب حياة»، وحينما يصبح أمراً لا يطاق ولا يحتمل فوق طاقة أى إنسان على الاحتمال ينفجر الناس بشكل جماعى فى وجه القهر البيروقراطى الذى يمثله الجهاز الحكومى والإدارى للدولة.

بعد ذلك يصبح من السذاجة والجنون أن يطرح بعض أصحاب القرار السؤال التقليدى: لماذا يكرهنا الناس؟!

نرجوكم لا تتعجبوا أنتم تصنعون أعداءكم.

وحينما انفجر الناس فى الجزائر وتونس وليبيا والعراق ولبنان والسودان كانوا يعبّرون عن وجع عميق وتاريخى من قهر ومظالم وعدم إنصاف وكأنهم يقولون: «نرجوكم إذا كنتم لا تستطيعون أن تجعلوا حياتنا أفضل فلا تجعلوها أسوأ».

وكأنهم -أيضاً- يقولون: «اكفونا شروركم»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تحول الأصدقاء إلى أعداء كيف تحول الأصدقاء إلى أعداء



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon