بقلم : عماد الدين أديب
باختصار شديد يمكن القول إن هناك شعوراً بالإرباك السياسى لدى جميع أطراف الصراعات الإقليمية فى المنطقة.
دفع الجميع، وأكرر الجميع، فاتورة باهظة التكاليف فى سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها، تقدر وفق تقديرات بعض أجهزة الاستخبارات الغربية بما مجموعه ما بين 450 مليار دولار إلى ما يفوق النصف تريليون كخسائر مباشرة!
وتقدر الخسائر غير المباشرة لإعادة إعمار وإعادة توطين النازحين واللاجـئين قرابة التريليون دولار خلال العشر سنوات المقبلة بأسعار اليوم فى حال بدأ البناء صباح الغد!
إذن نحن نتحدث عن تريليون ونصف تريليون دولار أمريكى! يا للهول، إنه مبلغ ضخم ومخيف لا يقدر إجمالى الناتج القومى العربى على الوفاء به بسهولة.
بالطبع هناك خسائر أكبر من المال، وهى خسائر الأمراض النفسية، والإصابات المعوقة للجرحى والشهداء من العسكريين والمدنيين وملايين اللاجئين والنازحين.
أصبح العالم العربى فى الآونة الأخيرة منطقة طاردة للعقلاء والمسالمين والراغبين فى حياة هادئة مستقرة يستطيعون فيها توفير لقمة عيش شريفة لهم ولأهلهم.
ذلك كله يبرر الطوابير الطويلة لكثير من الجنسيات العربية للسفر أو طلبات الهجرة أو اللجوء السياسى لآلاف المواطنين العرب.
ذلك كله يفسر لنا شعور إيران بضغوط العقوبات المؤلمة على الداخل الإيرانى، وفقدان «التومان» (العملة المحلية) أكثر من إجمالى قيمتها الشرائية وارتفاع معدل البطالة والارتفاع المخيف فى الأسعار.
وهذا يفسر سوء الأوضاع الداخلية فى اليمن وآثار الحرب على الداخل اليمنى، وشعور الناس بالإحباط الشديد، والبحث عن أى حل سياسى بأى ثمن بعد أن أصبحت الحياة مستحيلة.
فى ليبيا أصابت حرب طرابلس الآلاف من الليبيين باليأس والغضب والرغبة فى الهجرة النهائية من البلاد.
وفى العراق وصل الناس إلى أخذ الأمر بأيديهم بعدما فقدوا الثقة فى السياسيين، كل السياسيين، فقرروا احتلال المؤسسات العامة، والاستيلاء على ميناء «أم القصر» الاستراتيجى المتحكم فى تصدير النفط بهدف الضغط على الحكومة بالاستقالة ومحاربة الفساد والاستبداد والاحتلال الإيرانى والأمريكى.
تعب الناس، فانفجروا، وقرروا تصدير هذه المشاعر إلى أنظمتهم والضغط عليهم دون هوادة حتى يغلقوا ملفات الصراعات الإقليمية المفتوحة، ويجدوا إجابة عن سؤال الأسئلة: متى ينتهى الاستعباد بهدف الفساد؟!