توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صورة عن قرب: كيف تفهم عبدالفتاح السيسى؟ «الجزء الثانى»

  مصر اليوم -

صورة عن قرب كيف تفهم عبدالفتاح السيسى «الجزء الثانى»

بقلم : عماد الدين أديب

فى شهر مارس 2015 التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى - لأول مرة - بالملك سلمان بن عبدالعزيز فى الرياض بعد توليه مقاليد الحكم فى السعودية.

لم تكن هذه هى حالة التعارف الأولى بين الرجلين، فهو يعرفه منذ أن كان ولياً للعهد، والملك سلمان يعرف الرئيس المصرى منذ أن كان وزيراً للدفاع.

ويدرك الرئيس السيسى، ويعلم جيداً منذ أن عمل ملحقاً عسكرياً فى السفارة المصرية بالرياض، من هو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض - فى ذلك الوقت - وأهميته داخل تركيبة الحكم السعودى، وثقله ووزنه النسبى المميز داخل العائلة المالكة وذلك فى فترة وجوده من العام 1998 إلى 1999.

من عاش فى الرياض يعرف أن أميرها هو راعى نهضتها، ومركز قوتها منذ عام 1955 ولم ينقطع عن المنصب سوى عام 1960 واستمر فيه كأطول موظف عام وأطول من حكم إمارة الرياض وهو صاحب التطوير الأضخم لنقلها من حالة القرية - المدينة - إلى حالة العاصمة الحضارية بمفاهيم وإنشاءات عصرية.

ويدرك الرئيس السيسى أن الأمير سلمان كان الأكثر قرباً من الملوك خالد وفهد وعبدالله وكان محل ثقتهم والجليس الأول عندهم.

ويدرك الرئيس السيسى أن ما يعرف بجناح آل فهد، أى الأشقاء الكاملين من الأم الواحدة التى تنتمى لعائلة السديرى (الأم حصة بنت أحمد السديرى) وهم «فهد، وسلطان، وتركى، ونايف، وسلمان، وعبدالرحمن، وأحمد»، هم من أقوى نقاط التأثير داخل العائلة.

ولا ينسى - أبداً - الرئيس السيسى تلك المحادثة الهاتفية التاريخية التى أجراها الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - مع الرئيس الأمريكى أوباما.

كانت المكالمة عقب ثورة الشعب المصرى ضد حكم الإخوان، وكانت هناك ضغوط قطرية وتركية على أوباما من أجل أن تصدر واشنطن بياناً تدين فيه هذه الثورة وتعتبرها انقلاباً وتبدأ سلسلة إجراءات لعزل الحكم الجديد حتى تصل به إلى مرحلة القطيعة والعقوبات.

فى هذه المكالمة: «علا صوت الملك عبدالله، وقال بتأثر وقوة: «لا مساس بما حدث فى مصر، وعليكم أن تعتبروا أن أى ضرر يلحق بمصر الآن وكأنه موجّه للسعودية وقيادتها وشعبها».

ولا ينسى الرئيس السيسى الدعم الفورى الذى حصلت عليه مصر من الرياض وأبوظبى عقب ثورة 30 يونيو 2013.

ويدرك الرئيس السيسى شخصياً «محبة وعشق» الملك سلمان لمصر منذ أن تطوع فى التدريبات العسكرية للدفاع عن مصر فى حرب 1956، وحينما دُعا إلى التبرع والتطوع لمصر عقب حرب 1967.

وأذكر أننى كنت فى باريس حينما سعى الأمير سلمان، أمير الرياض فى وقتها، إلى عقد أول لقاء بين مسئول سعودى، عقب مقاطعة مصر، مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وطلب منه أن تتم الموافقة على عمل معرض «الرياض بين الأمس واليوم»، وكانت تلك هى بداية عودة مصر إلى الحضن العربى.

يومها سمعت من الملك سلمان «نحن نعشق مصر منذ طفولتنا، ومنذ عهد الملكين عبدالعزيز والملك فاروق اللذين ارتبطا بشكل قوى ببعضهما البعض منذ لقائهما الأول فى منطقة «جبل رضوى» شمال غرب السعودية عام 1945».

وأضاف الرجل فى حواره فى عشاء خاص بفندقه فى باريس «كنت ناصرياً وقتها أعشق خطب جمال عبدالناصر وأجلس بجانب جهاز الراديو الكبير أستمع إلى إذاعة صوت العرب وأتابع خطبه وتصريحاته بحماس ولكن بعد حرب اليمن تغيرت مشاعرى تجاه ناصر».

هذا كله يشكل «قاعدة راسخة» فى عقل وقلب وذاكرة الرئيس المصرى وهو يدير ملف العلاقة المصرية والدور الذى يمكن أن تلعبه القاهرة فى ذلك الجو الملىء بالصراعات والتوترات والذى يتم فيه دق طبول حرب لا أحد - وأكرر - لا أحد - يعرف متى وكيف تبدأ ومتى وكيف تنتهى؟

يدرك الرئيس السيسى أكثر من غيره أن هناك مشروعات إقليمية ودولية متعددة كلها أو معظمها ضد المصالح الاستراتيجية العربية بوجه عام وضد مصلحة مصر بوجه خاص.

يدرك الرئيس الأدوار الشريرة الآتية من قطر وتركيا بهدف تقويض الأنظمة العربية المعتدلة لإقامة حكم المرشد العام لجماعة الإخوان لإحياء مشروع الخلافة العثمانية بشكل جديد.

ويدرك الرئيس السيسى أن صراع التيارات فى إيران يغلب عليه الآن سطوة تيار المرشد الأعلى المدعوم بالحرس الثورى الإيرانى والوكلاء الإقليميين فى المنطقة بدءاً من اليمن إلى العراق، ومن لبنان إلى غزة.

ويدرك الرئيس السيسى جيداً من خبرة التعامل الشخصى المباشر مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكى دونالد ترامب أن حسابات كل منهما تهدف بالدرجة الأولى إلى «تعظيم» المنافع الاستراتيجية لموسكو وواشنطن ولدعم مركز كل منهما السياسى داخل نظامه الداخلى، ولا يقع الرئيس السيسى فى وهم الالتزام التاريخى لأى من حلفائهم، ويدرك جيداً أن سياسة الكبار فى هذا العالم تقوم على أن أى شىء، وأى موقف، وأى حليف، قابل للبيع والشراء مقابل السعر المناسب.

يفهم الرئيس السيسى بعمق أن هناك مشروعين: مشروع صراع مجنون فى المنطقة يقابله مشروع تنمية وإصلاح طموح فى الداخل المصرى، ويفعل الرئيس كل ما لديه حتى لا يتم استدراج مصر بهدف استنزافها فى مشروعات إقليمية شريرة مدمرة تبعد مصر عن مصدر القوة الأساسى وهو قوة اقتصادها ورفاهية شعبها.

ويعلم الرئيس بخبرته العسكرية العميقة أن الجيوش منذ عهد «أحمس» حتى يومنا هذا بالدرجة الأولى لحماية الأوطان سواء من الداخل أو صد العدوان أو التهديدات على الحدود.

ويدرك الرئيس أن التاريخ العسكرى الذى درسه فى الكلية الحربية رسخ فى ذهنه أن جيش مصر هو أول جيش فى التاريخ تم تأسيسه عام 3200 قبل الميلاد.

ويدرك أيضاً الرئيس الذى يتقلد منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن تاريخ الجيش فى مصر منذ آخر 73 عاماً هى أنه تحرك خارج الحدود فى حالات نادرة ومبررة منذ قبل الميلاد، وفى العصر الحديث مثل:

1- حرب فلسطين.

2- الدفاع عن سيناء ومدن القناة 1956 حتى الحدود الدولية.

3- إرسال قوات بين الكويت والعراق حينما تم تهديد الحكم فى الكويت فى عهد الرئيس عبدالناصر.

4- قتال فرق نخبة تمثل قوات خاصة فى الكونغو.

5- حفظ سلام وتأمين للأوضاع فى السودان وحرب البوسنة والهرسك.

6- إرسال قوات مشتركة كاملة التسليح والتشكيل إلى اليمن، وكان ذلك أحد الأخطاء الاستراتيجية التى تم خلالها استدراج القوة العسكرية المقاتلة خارج الحدود قبيل حرب 1967.

7- إرسال قوات مصرية لتحرير الكويت وحماية الأشقاء فى المملكة والخليج من جنون الغزو العراقى وتداعياته المحتملة.

لا يؤمن الرئيس السيسى بالمغامرات العسكرية العنترية ويدرك مقولة ونستون تشرشل الشهيرة: «إن الجنرالات هم أكثر من يحاولون دائماً استبعاد اللجوء للحرب».

وكثيراً ما ردد الرئيس المصرى، بل بُحّ صوته بضرورة تشكيل جيش دفاع عربى موحد، لمواجهة مخاطر 3 مشروعات غير عربية تهدد المنطقة فى أنقرة وطهران وتل أبيب.

وحينما ينظر الرئيس السيسى بشكل استراتيجى فهو يدرك أن هناك دائرة أوسع فى الخليج والمحيط تلعب فيها كل من الهند وباكستان أدواراً سوف يأتى وقتها، خاصة أن كلاً منهما لديها قوة ردع نووية.

من خلال ذلك كله تصبح معادلة الرئيس قائمة على مبادئ شفافة ووطنية وعروبية واضحة:

1- أولوية أى جيش هى حماية الوطن.

2- خروج جيش مصر خارج حدوده لا بد أن يكون له هدف ومبررات استراتيجية جوهرية ولا بديل عن اللجوء إليها.

3- أولويات الأمن القومى المصرى فى المنطقة يمكن فهمها (حد تصورى الشخصى):

1- حماية الحدود الدولية.

2- منع أخطار من الجيران بشكل استباقى.

3- أى تهديد لمصادر أو حصص مصر من مياه النيل.

4- أى تهديد أو مساس بمسارات العبور وحركة التجارة والنقل من وإلى قناة السويس ومن هنا تأتى أهمية البحر الأحمر ومضيق هرمز وتداعيات الوضع فى اليمن.

5- أى اعتداء على دول شقيقة، وهناك تحالفات تاريخية ومصالح حالية وتنسيق أمنى وعسكرى مع مصر مثل السعودية والإمارات والبحرين والأردن.

لا يتحرك الرئيس المصرى بانفعالات، رغم أنه إنسان روحانى وعاطفى، لكنه يتحرك فى مثل أمور الحرب والسلام بحسابات دقيقة وقياسات عميقة لمعنى الفعل وتداعيات رد الفعل.

هو رجل قوى، مؤمن، لكنه لا يحركه الغضب مهما كان «يغلى من الداخل» لأنه قادر على أن يوظف هذا الغضب إلى برنامج تنفيذى مدروس محسوب بالتكاليف ومحدد بالتوقيتات، هكذا وصفه لى أحد مساعديه الذين عاصروه فى إدارة الأزمات.

وحينما يجلس الرئيس - الزوج - الأب - عبدالفتاح السيسى مع زوجته السيدة انتصار وأبنائه الذين يحتلون مساحة غير عادية فى قلبه: محمود ومصطفى وحسن وآية يحرص على أن يؤكد لهم «بأنه لم يكن يوماً طالباً لسلطة أو سلطان، لكنه كرجل يؤمن بالقدر يستجيب لقدر الله سبحانه وتعالى الذى ولّاه هذه المسئولية ووضع على كاهله ما لا يطيقه بشر من المسئوليات».

ومن ضمن هذه المسئوليات قرار الحرب والسلام فى منطقة صراعات مجنونة وشريرة تهدف بالدرجة الأولى إلى إضعاف العرب من خلال ضرب مشروع الدولة الوطنية وتقسيم العالم العربى إلى دويلات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة عن قرب كيف تفهم عبدالفتاح السيسى «الجزء الثانى» صورة عن قرب كيف تفهم عبدالفتاح السيسى «الجزء الثانى»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon