توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حوار الإمام والعميد ليته كل يوم!

  مصر اليوم -

حوار الإمام والعميد ليته كل يوم

بقلم: عماد الدين أديب

الجدل الذى دار بين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة فى ندوة تجديد الفكر الدينى هو مسألة تستحق أن نتوقف أمامها طويلاً بالتأمل والتحليل.

ما أريد أن أناقشه اليوم ليس الانحياز إلى الطرف ألف، أو الطرف باء، أو الدخول فى تلك المعركة التاريخية بين التراث والتجديد فى الفكر الإنسانى.

هذه المسألة أو تلك الإشكالية الجدلية نشأت منذ نشوء الفكر الإنسانى وسوف تستمر -بإذن الله- حتى قيام الساعة.

ما أريد مناقشته اليوم ليس فى المحتوى أو المضمون، ولكن فى ضرورة الاجتهاد وحدوده فى التجديد والمعاصرة.

إنها فريضة الاجتهاد، أو الاجتهاد فى التفكير، حتى لا يتعطل العقل البشرى عن التكيف أو المواءمة مع تحديات العصر ويصبح عقلاً راكداً مثل المستنقع الآسن الذى يأتى بالتطرف!

التطرف فى هذا الأمر يؤدى إلى تطويع الثوابت الدينية أو الأخلاقية من أجل مواءمة المتغيرات، والتطرف الثانى المقابل هو حالة تقديس الثوابت، غير المقدسة وإعطاء القديم «هالة من التقديس» على أساس أن ما جاء فى أزمنة الأقدمين لا يمكن تكراره أو المساس به أو تطويره.

التطرف فى ذلك يعطل العقل البشرى عن التكييف والإبداع والتطوير والاندماج مع المعارف والعلوم الحديثة.

نحن أمام نوعين من التطرف: تطرف الجمود الناشئ عن تقديس الماضى وإعطاء العصمة لكل من سبقنا.

وتطرف الوقوع فى إهدار المقدس القطعى الثبوت تحت دعوى التجديد والمعاصرة والحداثة.

إنها معركة تاريخية لم تهدأ فى صراع المعبد اليهودى أمام الرافضين للتطرف، وصراع الكنيسة والبرلمان فى أوروبا فى عصور النهضة، وصراع المؤسسة الدينية الإسلامية بين سقوط الخلافة العثمانية فى المنطقة وظهور مشروع العلمنة.

كل تطرف فى التفكير يقابله -بالضرورة- مشروع مضاد له فى التطرف.

وما بين التطرف فى إطلاق حدود التفكير دون احترام المقدس، وبين إعطاء العصمة والتقديس لكل ما هو تراث وقديم يصبح هنا أعظم ما فى الفكر الإنسانى الإسلامى هو الوسطية.

والوسطية ليست التوفيق أو التلفيق أو «المجاملة الفكرية» بين مواقف متناقضة لكنها الجمع بين «احترام ما هو سماوى باليقين» وإطلاق ملكات التفكير العلمى والاجتهاد فى كل ما هو من صنع البشر.

لا جمود ولا معصومية، ولا تفريط ولا تهاون فى المقدّس.

إذا استطعنا أن نحدث هذا التوازن الدقيق، حافظنا على أوامر الله «وهو المقدس» وتطورنا وأبدعنا و«هو الاجتهاد».

وبدلاً من أن يرى البعض أن ما حدث هو «صراع فكرى» أو انقسام داخل المجتمع، علينا أن نسعد بمثل هذا الجدل ونشجعه ونطوره، لأنه حوار بين علماء أفاضل يجمعون بين الغيرة على الدين والتمكن من المعارف الإنسانية وأصول الدين الحنيف.

فى المغرب العربى يسمون هذا الجدل نوعاً من «التلاقح الفكرى» الذى تنتج عنه رؤى جديدة تحافظ على الثابت المقدس وتندمج مع ضرورات التغيير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار الإمام والعميد ليته كل يوم حوار الإمام والعميد ليته كل يوم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon