تدخل ليبيا، خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة، مرحلة أشد وأعنف من الحرب الأهلية، ويُتوقع أن تزداد نسبة الخسائر البشرية والمادية فى معركة طرابلس الكبرى.
تحتاج طرابلس، أهم موانئ ليبيا، ما لا يقل عن 9 كتائب مقاتلة مزودة بغطاء جوى لاقتحامها، فهى تطل من الجنوب على ساحل المتوسط، ومن الشرق هناك مدخل تاجوراء، ومن الغرب منطقة «جنزو».
وتكمن مشكلة اقتحام طرابلس من قبَل جيش حفتر، المعروف بالجيش الوطنى، فى 3 أمور لوجيستية:
الأول: مساحة المدينة البالغة 400 ألف كم مربع.
الثانى: تعداد السكان البالغ قرابة المليون نسمة.
الثالث: تمركز الميليشيات داخل مناطق التكدس السكانى، وفى الأحياء الشعبية الأكثر ازدحاماً.
وتتحدث بعض المصادر على أن ميليشيات الإرهاب التكفيرى تضع مخازن سلاحها ومنصات إطلاق صواريخها وفوهات مدفعيتها فى قلب أماكن مدنية مثل المدارس والمستشفيات والمساجد والأحياء الشعبية المزدحمة بالسكان.
ويُتوقع أن يدعو المشير خليفة حفتر، خلال ساعات، إلى «ساعة الصفر» لتحرير طرابلس من الميليشيات وإسقاط سلطة الوفاق المدعومة من قطر وتركيا وإيطاليا وشركة إينى للغاز.
والصراع الليبى ليس صراعاً بسيطاً بين طرف «ألف» وطرف «باء»، لكنه صراع مركب معقد محلى إقليمى دولى.
الصراع الليبى قبلى ومناطقى وجهوى، وهو أيضاً بين سلطة إسلام سياسى وأخرى وطنية علمانية، بين مجموعة من الساسة وبين مؤسسة عسكرية، وبين شركة غاز إيطالية (إينى) وشركة منافسة أخرى فرنسية هى «توتال»، وبين قطر وتركيا من ناحية، ومصر والإمارات من ناحية أخرى.
إنه صراع يمتزج فيه المال بالنفط، والغاز مع الدماء والدولارات.
إنه صراع تبحث فيه تركيا عن قاعدة عسكرية بحرية دائمة على المتوسط فى طرابلس.
إنه صراع تتدخل فيه أنقرة بقوة بعد أن سيطرت على حكومة السرّاج والبنك المركزى ووزارة الداخلية ومبيعات النفط والسلاح معاً.
إنه صراع تدفع فيه قطر بتمويل يومى مالى مفتوح من أجل السيطرة على حدود الدولة الجارة الأهم وهى مصر، بهدف تهديد حدود مصر الغربية.
إنه صراع تمت فيه موافقة عليا دولية بأن يتم نقل ميليشيات 88 دولة من سوريا إلى ليبيا، كى تصبح مركز وبؤرة الصراع الجديدة.
وقد لا يتوقف بعض المحللين طويلاً أمام أن ليبيا دولة بالغة الأهمية جيوستراتيجياً، فهى ترتبط بحدود جغرافية مؤثرة مع نصف تعداد سكان العالم العربى، أى مصر والسودان وتونس والجزائر، يؤثرون فيها وتؤثر فيهم.