وفى اليوم الـ13 من الثورة استقال سعد الدين الحريرى.
باستقالة «الحريرى» حدث الآتى:
1 - التخفيف -المؤقت- للغضب الشعبى بانتظار تحقيق بقية المطالب.
2 - الخروج من الأزمة السياسية فى الشارع كى تبدأ المصارف بدايات تحدى توفير السيولة وعدم الوقوع فى الانهيار الاقتصادى.
3 - تدق ساعة الضغط على رئيس الجمهورية وعهده من أجل سرعة تشكيل حكومة جديدة تشريعياً بأغلبية «الاستشارات النيابية الملزمة كما ينص الدستور» وتحظى -هذه المرة- بموافقة «شعبوية» من مجموع المتظاهرين.
الحكومة الجديدة بمواصفات المتظاهرين يجب أن تكون:
1 - مصغرة.
2 - من الاختصاصيين.
3 - عابرة للطوائف.
4 - بعيدة عن الطوائف والمحاصصة.
5 - لا تنتمى للطبقة القديمة.
هنا تصبح البدائل أمام سعد الحريرى على النحو التالى:
1 - التعاون مع رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وحزب الله لتشكيل حكومة معدلة، وهذا خطر قد يؤدى إلى الوصول إلى حالة أن تحصل على الشروط الدستورية ولكن يتم رفضها شعبياً.
هنا سوف يتهم الشارع النظام ككل بمحاولة التحايل السياسى عليه.
2 - الاحتمال الثانى أن تأتى حكومة بمواصفات الحراك الشعبى برئاسة الحريرى نفسه.
وهنا تقول بعض المصادر إنها مسألة سوف تحتاج إلى تسويق سياسى لكنها ممكنة مع صعوبات.
3 - أن يكون هناك حكومة جديدة بمواصفات الحراك، لرئيس وزراء سنى من تيار الحريرى يحظى برضائه ودعمه.
يعلم الجميع أن الحريرى فى هذا الظرف الاقتصادى الحرج والدقيق هو «نقطة الارتكاز» والأب الروحى لمشروع «سدر».
وجود الحريرى ضرورة، ولكن تبقى المسألة «بأى شروط؟».
هنا يأتى السؤال: هل سيدير الحريرى الأمور إذا جاء بشروط التسوية الرئاسية السابقة، يعنى مع جبران باسيل والسيد حسن نصر الله، أم يديرها بشروط وقواعد وأحلام المتظاهرين؟
المقربون من الحريرى يرون أن الأفضل -شخصياً- للرجل هو ألا يشكل هذه الحكومة لأنها ستكون حكومة تجاذبات هائلة بين القديم والجديد، بين الثوار والميليشيات، بين اللاطائفية والطوائف العتيقة، بين أنصار الشفافية ولوردات الفساد.
مستحيل أن ينجح أى إنسان -ولو كان «سوبر مان»- فى أن يوفق بين صراع المتناقضات الحادة!
يحدث كل ذلك وهناك تدهور عميق فى الوضع الإقليمى، وازدياد خطط واشنطن فى فرض عقوبات إضافية على إيران.
يحدث ذلك وهناك خوف من هجوم المودعين على سحب أموالهم من المصارف.
يحدث ذلك والجميع ينتظرون نص حكم المحكمة الخاصة على من اتهم بقتل الشهيد رفيق الحريرى.
الأصعب قادم وصادم جداً.
نقطة الانشطار النووى السياسى الذى يخيف جميع الذين شاركوا فى لعبة محاصصة السياسة بهدف تعظيم حصصهم فى الفساد والإثراء من المال العام، هو «ملف إعادة الأموال المنهوبة».
هنا سيكون السؤال: من سيقدم على مذبح الفساد، بأى طريقة، وبأى وسيلة؟
هل سيرى الناس فى لبنان مسئولاً يُحاكُم ويدان ويدخل خلف القضبان؟
هل ستحاكم الطبقة نفسها؟ أم سوف تجد -كعادتها- وسيلة للتلاعب والهرب والتهرب؟
مهما اختلفت الأيديولوجيات أو المصالح أو الأحزاب أو الطوائف فى لبنان فإن الأمر الذى لا جدال فيه الآن أن الدستور يفرض على الجميع الآتى:
1 - أنه مهما كان الأمر، فإن هذا الرئيس «ميشيل عون» هو الذى سيدير الاستشارات النيابية الملزمة.
2 - مهما كان الخلاف، فإن هذا البرلمان، وليس غيره، بحصصه الحزبية الطائفية الحالية هو الذى سوف يسمى الحكومة الجديدة وهو الذى سيعطيها الأغلبية النيابية الجديدة.
يخطئ من يعتقد أن قصة الصراع بين الشارع وطبقة الحكم التقليدية قد انتهت باستقالة الحكومة، إنها خطوة أولى نحو سعى الجماهير ليس من أجل إسقاط حكومة ولكن من أجل إسقاط نظام.
لذلك نتوقع صراعاً هائلاً وطويلاً بين الشارع والطبقة.