بقلم : عماد الدين أديب
أكثر الدبلوماسيين حكمة على مر التاريخ هم الإنجليز، لذلك فإن نصيحة الخارجية البريطانية لكل من الأمريكان والكوريين الشماليين هى «ضرورة التوقف عن التصعيد» وتتوجه لندن إلى واشنطن بالنصح قائلة: «إنه لا بد من التزام الصبر اللانهائى مع النظام الكورى، لأنه يبلغ من الحماقة ما يهدد السلم العالمى والقادرة فى لحظة واحدة على إشعال حرب مدمرة للبشرية جميعاً».
ومنذ أن أطلقت «بيونج يانج» تجربتها الصاروخية السادسة منذ أيام والقوى العظمى كلها فى أزمة كبرى متصاعدة.
كل أجهزة الرصد والاستخبارات ومراكز التحليل الاستراتيجى المعتبرة تطرح سؤالاً عظيماً، وهو: هل التصعيد الكورى الشمالى هو بهدف اتباع سياسة حافة الهاوية لخلق موقف تفاوضى تدخله مدججة بسلاح ردع نووى، أم أنها تستخدم سياسة حافة الهاوية لأنها تريد الوصول بالأزمة إلى الهاوية؟.
باختصار: هل يريد الزعيم الكورى الشاب «كيم جونج» الضغط أم «التفجير»؟
الوجه الآخر للعملة الذى يزيد تعميق الأزمة هو أن الطرف المقابل فى الجهة الأخرى هو دونالد ترامب الذى يقل «مزاجية» -وأحياناً- حماقة عن الزعيم الكورى الشمالى، فهو تارة يقول: «من الممكن أن ننهى هذه الأزمة بدعوة الزعيم كيم لتناول سندوتش برجر أمريكى، ثم يقول فى تارة أخرى إن الرد الأمريكى على التهديدات الكورية سيكون صاعقاً وعنيفاً».
وخلال الأسبوع الماضى، عقد مجلس الأمن جلستين طارئتين لبحث الخروق النووية للنظام الكورى الشمالى.
والموقف الكورى الشمالى أصبح صعباً وخطراً حتى على أقرب أصدقاء بيونج يانج، وهى الصين التى أدانت رسمياً وعلنياً التفجير السادس وإطلاق صاروخ باليستى قادر على حمل رأس هيدروجينى وهو أعلى قدرة تدميرية فى العالم من خلال منصة إطلاق قادرة على إيصال الصاروخ الباليستى إلى أقرب نقطة، وهى كوريا الجنوبية وأبعد منها فى جزيرة جوام الأمريكية إلى اليابان يصل إلى داخل الأراضى الأمريكية».
ولم ينف النظام الكورى فعله لكل ما سبق، بل أعلن أن لديه قدرة على تفجير هيدروجينى!
«كيم جونج» يهدد ويصعّد، وترامب يهدد بالرد!
وكما قالت مندوبة الولايات المتحدة فى مجلس الأمن مساء أمس إن «كيم جونج»: «يتسول خلق حالة حرب فعلية»!
هذا الجنون المطبق فى كوريا الشمالية، وهذه الحماقة فى واشنطن يضعان العالم كله الآن تحت خطر بلد من 23 مليون نسمة يمتلك أكبر قاعدة أسلحة تقليدية ونووية غير منضبطة ويعيش حالة حرب رسمية ضد كوريا الجنوبية منذ عام 1956، ويهدد أكبر بلد صناعى آسيوى متقدم وهو اليابان، ويسعى للصدام مع رئيس مجلس إدارة العالم وهو الولايات المتحدة رغم أنه يرتبط بحدود مع روسيا والصين!
يا للهول!