بقلم : عماد الدين أديب
علم النفاق هو أحد أهم علوم الانتهازية فى العصر، وهو سلوك بشرى بدأ من عصر الإنسان الحجرى، حينما كان الإنسان الأول بحاجة إلى تملق «زعيم القبيلة» للحصول على نصيبه من صيد الحيوان.
تعود كلمة النفاق إلى النفق وهو السرب فى الأرض، وقد سمى المنافق بذلك فى الإسلام لأنه يستر كفره كالذى يدخل فى النفق فيستتر به.
وحذر قدماء العرب من النفاق بقولهم: «إياك والنفاق فإنه يفسد النفس ويدمر الروح».
والنفاق السياسى هو أحد أساسيات مدارس الإعلام الموجه من جهات أو أفراد بهدف الترويج والتسويق للأفراد أو الأحزاب أو الجهات عن غير وجه حق.
النفاق السياسى يخلق -بالضرورة- رد فعل مضاداً إما أن يكون بنفاق مضاد لأشخاص فى الخندق المضاد لمن تم نفاقه، أو أن الرد يكون عبر وسائل الاغتيال المعنوى للشخصية أو الجهة التى يراد تشويهها.
وأحياناً يؤدى المنافق إلى الإضرار بمن يحاول «تسويقه أو تلميعه».
المنافق إذا كان شخصية مكروهة اجتماعياً، مفضوحة إعلامياً، محروقة لدى الرأى العام، يصبح بلا مصداقية.
هنا يصبح المنافق عبئاً على من ينافقه ويشكل ضرراً بالغاً إذا امتدحه.
وفى العصر الأموى كان بعض الأمراء يدفعون أكياساً من الذهب لبعض الشعراء المكروهين لدى الناس ليس من أجل أن يمدحوهم، ولكن حتى لا يسطروا كلمة واحدة عنهم!
وأذكر واقعة محددة طلب فيها رئيس عربى سابق من رئيس تحرير يعمل فى مطبوعة تابعة للدولة ألا يمدحه بل وألا يذكر اسمه أبداً فى أى مقال من مقالاته!
حينما سألوا الرئيس عن السبب، قال: «كلما مدحنى فى مقاله انخفضت شعبيتى»!
فى ظل هذا الإعلام المفتوح، وثورة الاتصالات، وانكشاف الجميع على الجميع، أصبح النفاق السياسى القائم على «تغليف الأكاذيب وتسويق الضلالات» بضاعة لا سوق لها.
فى ظل هذه المعادلة لم يعد مهماً فقط فى علم المعلومات مسألة «ماذا تقول؟»، ولكن الأهم هو «من القائل؟».
المصداقية هى عمود الخيمة الأساسى فى فاعلية إعلام الجماهير.