توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثورة لإنقاذ الدولة أم إسقاطها؟

  مصر اليوم -

ثورة لإنقاذ الدولة أم إسقاطها

بقلم: عماد الدين أديب

إجابة سقراط: «الشعور بالظلم»، وإجابة «أفلاطون»: «الشعور بعدم الإنصاف»، وإجابة «نابليون»: «الشعور بالغضب»، وإجابة «هتلر»: «الشعور بعدم القدرة على التعبير»، وإجابة روزا لوكسمبرج: «للانتصار بعدما نقع فى سلسلة هزائم».

باختصار، يمكن القول: إذا رضى الناس عن حياتهم حافظوا عليها، وإذا شعروا بعدم الرضا إلى حد السخط خرجوا إلى الشوارع مطالبين برحيل من ظلمهم أو قصّر فى حقوقهم أو استبدّ بهم.

إنها معادلة بسيطة لا تحتاج لعبقرية:

«الرضا يعنى الاستقرار».

«والسخط يعنى الاحتجاج».

أهم عنصر فى هذه المعادلة أن يكون السخط مبرراً، وأن تكون الحركة ضد الظلم:

1- عن حق.

2- عن وعى.

3- عن كفاءة.

كثير من حركات الاحتجاج ضلت الطريق، أو تم اختطاف ثورتها النبيلة لمصالح قوى شريرة لا تبتغى إلا السلطة المطلقة.

تعالوا نتأمل حركة احتجاج الشارع فى الجزائر، السودان، العراق، لبنان، سوريا، هونج كونج، إيران، أوكرانيا، تونس، مصر.

فى كل مرة توجد دوافع حقيقية للغضب، مجموعة ثائرة نبيلة تهدف لرفع المظالم، شعور حقيقى بالغضب والظلم لا يقابله خبرة فى إدارة الغضب الشعبى، ينتهى الأمر إلى قيام قلة محترفة مدربة ذات نوايا شريرة إلى اختطاف الحراك الجماهيرى من أجل مشاريعهم الخاصة التى غالباً ما تكون مرتبطة بمشروع تخريبى إقليمى يتوافق مع مصالح القوى العظمى.

الغاضبون يريدون تغيير الحكومة.

الثوار يريدون تغيير النظام.

المخربون الذين يختطفون حركة الشارع يريدون إسقاط الدولة الوطنية، لذلك دائماً يتعين فهم مقولة جولدمان «إن الثورة هى فكرة تحولت لعمل».

لذلك من الخطأ الشديد عدم القيام بتحليل دقيق للتطور السلوكى لحركة الشارع بشكل زمنى متدرج، بمعنى تحليل أداء الثوار فى البدء، وفى الوسط، ثم فى الخاتمة.

حركة الشارع فى أى زمان ومكان ليست شيئاً واحداً، من قوى واحدة، من تيار واحد، بأداء واحد، باتجاه واحد، ينتظر أن تنتهى إلى نتيجة واحدة متفق عليها.

مثلاً، شباب 25 يناير 2011 ابتدأوا فى ظهيرة هذا اليوم بتظاهرة أمام مبنى القضاء العالى من أجل إعادة التحقيق فى شأن الشاب خالد سعيد، بعد 4 ساعات انتقلوا للتحرير، فى آخر الليل تعدوا الـ15 ألفاً، بعد 48 ساعة طالبوا بسقوط النظام، وبعدها بـ24 ساعة طالبوا برحيل الرئيس.

مثلاً شباب تونس خرجوا يحتجون على المظالم الاجتماعية بعد إحراق الشاب البوعزيزى لنفسه بعدما رفضوا تجديد رخصة عربة البيع وبعد إهانة شرطية له، تحول الموضوع من تظاهرة فى قرية إلى مدينة إلى العاصمة، حتى تمت المطالبة برحيل زين العابدين بن على.

هنا أيضاً لا بد من تذكر مقولة عزت بيجوفيتش الخالدة إن الذى لا يعرف التدين الصحيح لن يعرف أبداً الثورة.

فى لبنان قام وزير الاتصالات السابق محمد سعيد بتقديم مشروع بفرض عشرة دولارات كرسوم لاستخدام «الواتس آب» فخرج الشباب فى بيروت وطرابلس وصور ضد وزارة الاتصالات، وتحول الغضب ضد الحكومة كلها، ثم ضد النظام، ثم جاءت العبارة العبقرية: «كلهم يعنى كلهم»، أى ضرورة رحيل كل الطبقة السياسية القائمة على محاصصة الطوائف والأحزاب بهدف تقسيم مكاسب الفساد من المال العام فيما بينهم.

فى جنوب العراق، ثار الشباب لعدم قدرتهم على فهم كيف يمكن أن يكون ذلك البلد الذى يُعد من ضمن أكبر عشر دول فى احتياطيات النفط فى العالم، والوحيد فى المنطقة الذى يمتلك مثلث: الطاقة، الماء، القدرة البشرية، تصل فيه البطالة إلى 40٪ وتصبح تكاليف الحياة فيه مستحيلة بينما يتم «شفط» ثرواته من قبل إيران، ومن قبَل سلطة الفساد الحاكمة.

فى العراق، ثار الشيعة على الشيعة لأن الحرمان والشعور بالظلم لا يعرف التفرقة بين الطوائف!

من هنا علينا دائماً أن نفرق بين 3 أمور ونحن نتعامل مع أمور أغضبت الناس:

1- حق الناس المشروع فى الغضب إذا تعرضوا للظلم وعدم الإنصاف.

2- واجب نظام الحكم فى تفهُّم مطالب الناس وبذل الجهد فى رفع المظالم بدلاً من بذل الجهد فى قمع الناس.

3- أخطر نقطة فى هذا المجال أنه يتعين على «الشارع» و«الحكم» فى حال الثورة والاحتجاج والغضب معاً أن يدركا أنه مهما حدث ومهما كانت التفاصيل فإن الأمر الذى يجب عدم المساس به وفعل كل شىء وأى شىء من أجل الحفاظ عليه هو المحافظة على «الدولة الوطنية».

فى الداخل هناك من يريد إسقاط هياكل الدولة ليختطف السلطة لنفسه.

فى المنطقة هناك من يريد سقوط الدولة كى يعيد ترسيم الخريطة لتحويل الدول الوطنية إلى دويلات طائفية وعرقية ومذهبية.

فى العالم هناك من يريد إسقاط الدولة من أجل نهب البترول والغاز والمياه والممرات الاستراتيجية وتغيير الحدود المستقرة وعودة الاستعمار بشكل جديد.

هنا أقول لمن يحتار فى قراءة وفهم قصص بدايات ونهايات الثورات وحركات الاحتجاج العربية: اجعل بوصلتك فى فهم النتائج والحقائق من خلال سؤال واحد: هل حافظت هذه الحركة على الدولة الوطنية أم تسعى لإسقاطها تحت شعار من شعارات المظلومية والحرمان؟

تأمل ما حدث فى العشر سنوات الماضية وافهم ما حدث حتى الآن، وستعرف الفارق بين الثوار النبلاء، وما أكثرهم، وبين المخربين العملاء، وما أقلهم، لكنهم للأسف هم أكثر كفاءة ويحصلون على أكبر دعم من الخارج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة لإنقاذ الدولة أم إسقاطها ثورة لإنقاذ الدولة أم إسقاطها



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon