بقلم: عماد الدين أديب
حينما يصبح الطبيب هو أساس الداء، وحينما يصبح القاضى هو الخصم، وحينما يصبح الدواء هو أساس تركيبة السموم، وحينما يصبح الباطل هو جوهر الحقيقة، يصبح على الدنيا السلام، وتصبح هذه إحدى العلامات الكبرى لقيام الساعة!
وعلى العقلاء فى هذا الزمن أن يدركوا أن هذا عصر فيه تزوير كامل للوقائع، وأن الحقيقة هى المعدن النادر الذى يصعب اكتشافه فى صحراء العمر القاحلة، وأن الانطباع المصنوع هو الحقيقة التى يتم تسويقها على عقول وقلوب الناس.
انظروا إلى تعميم الأكاذيب فى العالم: «بوتين» يقنع العالم بأن ضم «القرم» حق تاريخى، «ترامب» يسوّق للجميع أنه لم يخالف القانون حينما ضغط على رئيس أوكرانيا لإدانة منافسه الانتخابى جو بايدن، انظروا إلى «أردوغان» الذى يحاول إقناع البشرية بأن لديه حقوقاً فى شمال شرق سوريا، والموصل، انظروا إلى إيران التى تبرر تدخلها العسكرى فى سوريا واليمن والعراق.
يكفى أن نرى سلوك إسرائيل منذ 70 عاماً من 1945 حتى «صفقة القرن»!
الجميع يعرف أنه يكذب، لكن قوة الكذب ليست فى مصداقيته، ولكن فى قدرتك على تسويقه وبيعه وفرضه على الرأى العام.
ليس مهماً أن تكون -فى هذا الزمن- على صواب، أو أن تكون الأسانيد والوثائق والشهود والوقائع على الأرض لصالحك، ولكن الأهم هو قدرتك على بيع الأكاذيب.
هذا زمن الجنون الذى تغيرت فيه -جذرياً- كل معادلات المنطق والحق والحقيقة فى إدارة الأمور، سواء بين البلاد أو فى شئون العباد!
هذا ليس زمن صراع الخير مع الشر، أو القوى مع الضعيف، أو الغنى مع الفقير، ولكن هو صراع الشعبوية مهما كانت كاذبة مع الحقيقة مهما كانت صادقة!
إن ذلك يذكر الإنسان بحكمة بليغة كان يرددها الممثل الكوميدى البريطانى الساخر «بنى هيل»: «إذا كان شكل الكذبة جميلاً ولديها جمهور عريض يعشق الفضائح قابل لتصديق أى شىء، فليس عليك أن تتوقف عن الكذب»!